وفيه : ان المناسب لو كان ذلك هو المراد التعبير بكلمة «منه» بدل «ومنها».

على ان اعمال مثل هذه التدقيقات وتحميلها على الروايات امر زائد على طاقة الراوي الذي ينقل بالمعنى ولا يلتفت الى مثل هذه الدقائق.

وعليه فالتمسك بالصحيحة تام.

وقد يضاف الى ذلك انه قد علم من مذاق الشارع ارادته لصدور القضاء والافتاء بنحو المجانية لأنهما من شئون تبليغ الرسالة وقد قال تعالى : ﴿قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ...* (١).

ثم ان المنع من اخذ الاجرة على القضاء لا يمنع من جواز ارتزاق القاضي من بيت المال لأنه معدّ لمصالح المسلمين.

ومما يؤكد جواز الارتزاق تأكيد امير المؤمنين عليه‌السلام في عهده الى مالك الاشتر عند تعرضه للقضاء والقاضي : «... واكثر تعاهد قضائه وافسح له في البذل ما يزيح علته وتقل معه حاجته الى الناس ..» (٢).

٨ ـ واما حرمة الرشوة‌ فهي من الضروريات. وقد دلّ عليها قوله تعالى : ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٣).

وفي الروايات ان : «الرشا في الحكم هو الكفر بالله» (٤).

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) وسائل الشيعة ١٨ : ١٦٣ الباب ٨ من أبواب صفات القاضي الحديث ٩.

(٣) البقرة : ١٨٨.

(٤) وسائل الشيعة ١٨ : ١٦٢ الباب ٨ من أبواب آداب القاضي الحديث ٣.

۳۵۹۱