فأجابه صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله : «الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء». (١)

فلو كان أمر الخلافة بيد الأُمة لكان عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقول الأمر إلى الأُمّة ، أو إلى أهل الحلّ والعقد ، أو ما يشابه ذلك ، فتفويض أمر الخلافة إلى الله سبحانه ظاهر في كونها كالنبوّة يضعها سبحانه حيث يشاء ، قال تعالى : ﴿اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ (٢) فاللسان في موردين واحد.

أضف إلى ذلك أنّ هناك نصوصاً تشير إلى ما في مرتكز العقل ، من أنّ ترك الأُمّة بلا قائد وإمام قبيح على من بيده زمام الأمر ، هذه عائشة تقول لعبد الله بن عمر : «يا بُنيّ أبلغ عمر سلامي وقل له ، لا تدع أُمّة محمّد بلا راع». (٣)

وإنّما قالت ذلك عند ما اغتيل عمر وأحسّ بالموت ، وأرسل ابنه إلى عائشة ليستأذن منها أن يدفن في بيتها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومع أبي بكر.

وهذا عبد الله بن عمر يقول لأبيه : «إنّي سمعت الناس يقولون مقالة ، فآليت أن أقولها لك ، وزعموا أنّك غير مستخلف ، وأنّه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثمّ جاءك وتركها ، لرأيت أن قد ضيّع ، فرعاية الناس أشدّ». (٤)

وبذلك استصوب معاوية أخذه البيعة من الناس لابنه يزيد وقال : «إنّي كرهت أن أدع أمّة محمّد بعدي كالضأن لا راعي لها». (٥)

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام : ٢ / ٤٢٤.

(٢) الأنعام : ١٢٤.

(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ٣٢.

(٤) حلية الأولياء : ١ / ٤٤.

(٥) الإمامة والسياسة : ١ / ١٦٨.

۵۲۸۱