كلّ ذلك يعرب عن أنّ الآية ترجع إلى غير مسألة الخلافة والحكومة ، ولأجل ذلك لم نر أحداً من الحاضرين في السقيفة احتجّ بهذه الآية.

الآية الثانية : قوله سبحانه :

﴿وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ(١).

ببيان أنّ كلمة «أمر» أضيفت إلى ضمير «هم» وهو يفيد العموم لكلّ أمر ومنه الخلافة ، فيعود معنى الآية : إنّ شأن المؤمنين في كلّ مورد شورى بينهم.

يلاحظ عليه : أنّ الآية حثَّت على الشورى فيما يمت إلى شئون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أمورهم ، وكون تعيين الإمام داخلاً في أُمورهم فهو أوّل الكلام ، إذ لا ندري ـ على الفرض ـ هل هو من شئونهم أو من شئون الله سبحانه؟ ولا ندري ، هل هي إمرة وولاية إلهيّة تتمّ بنصبه سبحانه وتعيينه ، أو إمرة وولاية شعبيّة يجوز للناس التدخّل فيها؟

فإن قلت : لو لم تكن الشورى أساس الحكم ، فلما ذا استدلّ بها الإمام علي عليه‌السلام على المخالف ، وقال مخاطباً لمعاوية : «إنّه بايعني القوم الّذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه»؟ (٢)

قلت : الاستدلال بالشورى كان من باب الجدل حيث بدأ رسالته بقوله :

__________________

(١) الشورى : ٣٨.

(٢) نهج البلاغة : الرسائل ، الرقم ٦.

۵۲۸۱