ترى أنَّ الآية ترفض كلّ معرفة خرجت عن إطار العلم القطعي. ولأجل ذلك يذمّ اقتفاء سنن الآباء والأجداد ، اقتفاءً بلا دليل معتبر ، وبلا علم بصحته وإتقانه. يقول سبحانه :

﴿وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (١).

وقال سبحانه ردّاً لمقالتهم هذه :

﴿أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (٢).

ربّما يقال : إذا كان اقتفاء الآباء والأجداد وتقليدهم امراً مذموماً فلما ذا جوّز الاسلام تقليد الفقهاء في فروع الدين؟

والجواب : أنّ تقليد الفقيه في الأحكام الدينية ليس من قسم التقليد المذموم ، لأنّ رجوع الجاهل إلى العالم واقتفائه أثره رجوع إليه مع الدليل ، وعليه سيرة العقلاء في جميع المجالات ، فالجاهل بالصنعة يرجع إلى عالمها ، وجاهل الطب يرجع إلى خبيره.

هذا ، مضافاً إلى أنَّ أصول العقائد ممّا يتمكّن كلّ إنسان بعقله وفطرته أن يتعرّف عليها ، ويعتقد بها فليس للتقليد فيها مجال ، إلّا فيما يرجع إلى الأبحاث الدقيقة والغامضة ، فيجوز فيها الاستناد بآراء العلماء البارزين في الكلام.

__________________

(١) الزخرف : ٢٣.

(٢) المائدة : ١٠٤.

۵۲۸۱