إحدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالساً تعدّ بركعة مكان الوتر ، وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان وسنَّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوم شعبان ، وثلاثة أيام في كل شهر مثلي الفريضة ، فأجاز الله عز وجل له ذلك وحرم الله عز وجل الخمر بعينها ، وحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسكر من كلّ شراب فأجاز الله له ذلك كله ... الخ » (١).

اقول : إن مضمون الروايات يوجه بوجهين :

الأول : إن الله سبحانه علم الرسول مصالح الاحكام ومفاسدها ، وأوقفه على ملاكاتها ومناطاتها ، ولما كانت الاحكام تابعة لمصالح ومفاسد كاملة في متعلقاتها ، وكان النبي بتعليم منه سبحانه واقفاً على المصالح والمفاسد على اختلاف درجاتها ومراتبها ، كان له أن ينصّ على أحكامه سبحانه من طريق الوقوف على عللها وملاكاتها ، ولا يكون الاهتداء إلى أحكامه سبحانه من طريق التعرّف على عللها بأقصر من الطرق الاخر التي يقف بها النبي على حلاله وحرامه ، وإلى هذا يشير الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله : « عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية ، لا عقل سماع ورواية فان رواة العلم كثير ورعاته قليل » (٢) غير أن اهتداءه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الاحكام وتنصيصه بها من هذا الطريق ، قليل جدّاً لا تتجاوز عمّا ذكرناه إلا بقليل ، وبذلك يعلم حال الأئمة المعصومين عليهم‌السلام في هذا المورد.

الثاني : إن عمل الرسول لم يكن في هاتيك الموارد سوى مجرَّد طلب ، وقد أنفذ الله طلبه ، لا أنه قام بنفسه بتشريع وتقنين ، ويشير إلى ذلك بقوله : « فأجاز الله عز وجل له ذلك ».

ولو أن النبي كان يمتلك زمام التشريع وكان قد فوّض اليه أمر التقنين على

__________________

١ ـ الكافي : ١ / ٢٦٦ ، الحديث ٤ ، وقد ذكر بعض الاجلة موارد اخر من هذا القبيل.

٢ ـ نهج البلاغة : الخطبة ٢٣٤ ، طبعة عبده.

۵۳۱۱