وقال الصادق عليه‌السلام : « أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب فجعل لكل شيء سبباً ، وجعل لكل سبب شرحاً ، وجعل لكل شرح علماً ، وجعل لكل علم باباً ناطقاً ، عرفه من عرفه وجهله من جهله ، ذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن » (١).

ومع هذا الاعتراف فليس النبي والإمام من أسباب الخلق والتدبير ، وإنما هم وسائط بين الخالق والخلق في إبلاغ الاحكام وإرشاد العباد ، وسائر الفيوض المعنوية من الهداية الظاهرية والباطنية.

فان قلت : قد تواترت الروايات بأنه لولا الحجّة لساخت الارض بأهلها ، وقد عقد الكليني في كتاب الحجة باباً لذلك وقال : « إن الارض لا تخلو من حجة » وأورد فيه روايات تبلغ ثلاث عشرة رواية (٢).

قلت : لا إشكال في صحة هذه الروايات ، ولكنها لا تهدف إلى كون النبي والإمام من الاسباب والمدبّرات التي نزل به الذكر الحكيم ، ونطق به الحديث الصحيح ، وإنما تهدف إلى أحد أمرين :

الأول : إن النبي والإمام غاية لخلق العالم ، ولولا تلك الغاية لما خلق الله العالم ، بل كان خلقه أمراً لغواً.

وبعبارة اُخرى إن العالم خلق لتكوّن الانسان الكامل فيه ، ومن أوضح مصاديقه هو النبي والإمام ، ومن المعلوم أن فقدان الغاية يوجب فقدان ذيها ، ولأجل ذلك يصحّ أن يقال : إن الانسان الكامل يكون من بسببه الوجود سببية غائية ، لا منه الوجود سببية فاعلية معطية له فهو سبب غائي لا علة فاعلية ، فاحفظ ذلك فانه ينفعك.

الثاني : إن الحجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله ،

__________________

١ ـ الكافي : ١ / ١٨٣ ، كتاب الحجة ، الحديث ٧.

٢ ـ الكافي : ١ / ١٧٨.

۵۳۱۱