اقول : ما ذكره من الصنوف وما نسب إليهم من الآراء السخيفة غير ثابت جدّاً ، خصوصاً ما زعم من الفرقة السبائية التي أصبحت اسطورة تاريخية اختلقها بعض المؤرّخين ونقلها الطبري بلا تحقيق وأخذ عنه الآخرون وهكذا ساق واحد بعد واحد (١).

ويتلوه في البطلان ما نسبه إلى هشام بن حكم من الآراء كالتشبيه وغيره ، فإن هذه الآراء ممّا يستحيل أن ينتحل بها تلميذ الإمام الصادق عليه‌السلام الذي تربّى في أحضانه ، ومن الممكن جدّاً ، بل هو الواقع أن رمي هشام بهذه الآراء إنما جاء من جانب المخالفين والحاسدين لفضله والمنكرين لفضل بحثه ، فلم يجدوا مخلصاً إلا تشويه سمعته بنسبة الأقاويل الباطلة اليه (٢).

ومثله ما نسبه إلى محمد بن نعمان أبي جعفر الاحول الملقّب بمؤمن الطاق وإن لقَّبه مخالفوه بشيطان الطاق عصياناً لقوله سبحانه : ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق الحجرات : ١١.

هذه ليست أول قارورة كسرت في التاريخ ، بل لها نظائر وأماثل كثيرة ، فكم من رجال صالحين شوَّه التاريخ سمعتهم ، وكم من أشخاص طالحين قد وزن لهم التاريخ بصاع كبير ، وعلى أي تقدير فلا نجد لأكثر هذه الفرق بل جميعها مصداقاً في أديم الارض ، ولو وجد من الغلاة من الطراز الذي ذكره الشهرستاني في الجوامع الاسلامية ، فإنما هي فرقة العلياوية وهم الذين يقولون بربوبية علي بن أبي طالب عليه‌السلام وربما يفسر النصيرية أيضا بهذا المعنى (٣).

__________________

١ ـ لاحظ كتاب عبدالله بن سبأ للعلاّمة السيد مرتضى العسكري.

٢ ـ انظر كتاب هشام بن حكم للعلاّمة الشيخ نعمة ، فقد ألف كتاباً في ترجمة هشام بن حكم ونزه ساحته عن تلك المغالاة.

٣ ـ نقله العلاّمة المامقاني عن بعض معاصريه. لاحظ مقباس الهداية : ١٤٦.

۵۳۱۱