ولاجل ذلك لا يتبادر ذلك المعنى من توصيف غير الكافي بهذه الصفات كمعاجم اللغة والتاريخ والسير ، مثلا إذا قيل : « لسان العرب » من أجلّ الكتب في اللغة او ان تاريخ الطبري لم يعمل مثله.

وقد ذكر قدس‌سره في ضمن الوجه الثالث الذي سيوافيك ، ما يمكن ان يكون مؤيدا لكلامه هذا وقال : « ان هناك كتباً لا ينظر إلى اسانيد احاديثها ، فلا يكون الكافي أجلّ هذه الكتب إلا إذا اشتمل على تلك المزيَّة ، وإلا فلا يصح ان يعدّ من اجلها ».

اقول : لم اقف على كتاب يشتمل على تلك المزية ، ولو اراد منه الاصول المؤلفة في عصر الائمة ، فصريح الشيخ في « العدة » اشتراط صحة الاحتجاج بها بكون راويها ثقة. قال في بيان ما هو المختار فى باب حجية خبر الواحد : « وجدت الفرقة المحقة مجمعة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ، ودونوها في اصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتى ان واحداً منهم إذا افتى بشيء لا يعرفونه ، سألوه من اين قلت هذا. فاذا أحالهم على كتاب معروف ، او اصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه ، سكتوا وسلموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله » (١).

وهذه العبارة صريحة في ان ورود الخبر في الاصول المدونة ، لم يكن كافياً في الاحتجاج ما لم يحرز وثاقة راويه ، فاذا كان هذا حال الاصول فغيرها اولى بلزوم المراجعة.

وعلى فرض وجود ما لا ينظر إلى اسانيده فالظاهر ان المراد من قولهم « ان الكافي اجلّ الكتب » وما اشبه هذا ، تفوّقه على سائر الكتب الحديثية من جهة الاسلوب والتبويب والجامعية والضابطية ، إلى غير ذلك من المزايا التي لا توجد في نظائرها المتقدمة عليه او المتأخرة عنه ، لا انه جامع لمزية كل كتاب

__________________

١ ـ عدة الاصول : ٣٣٨ ، الطبعة الحديثة.

۵۳۱۱