الأمر إلّا على من ثبت له حق الأمر والحكم شرعا ، كما لا يطلق صاحب الدار إلّا على من ملكها شرعا ، دون من تسلّط عليها غصبا (١) ، وعليه فلا مانع من شمول الآية للفقهاء عرضا ، ولكنّه تنافيه الأخبار كقول أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : وإنّما أمر بطاعة اولي الأمر لأنهم معصومون مطهّرون لا يأمرون بمعصيته ، إذ التعليل يخصص ذلك بالمعصومين فتدبّر جيدا.

الثاني : أنّ الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ هم الشهداء على الناس ، وذلك واضح بعد ما عرفت من محدودة علمهم ؛ لأنّ العلم بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة يستلزم العلم بأعمال الناس ، هذا مضافا إلى شهادة الروايات على عرض الأعمال على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والأئمة المعصومين ـ عليهم‌السلام ـ في ذيل قوله تعالى : ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ (٢) ، وعليه فيمكن لهم إقامة الشهادة على الناس يوم القيامة وهذا أمر دلّ عليه الكتاب حيث قال عزوجل : ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (٣) لأنّ الخطاب إلى الامة باعتبار بعضهم ممن يكون صالحا لوصف الوسطية المطلقة لا جميعهم ؛ لوضوح عدم كونهم في الاعتدال فضلا عن الاعتدال المطلق الواقعي ، فالمراد منها هو الخواص وهم الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ الّذين كانوا معصومين عن الإفراط والتفريط وخطاب الامة باعتبار بعضها أمر شايع ، كقوله تعالى مخاطبا لبني إسرائيل : ﴿وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً (٤) مع أنّ الملك في كلّ عصر لا يكون إلّا واحدا ، ولذلك قال الإمام البلاغي ـ قدس‌سره ـ فهذه الصفات إنّما تكون باعتبار البعض ، والموجه إليه الخطاب هو ذلك البعض ، وقد روي في اصول الكافي

__________________

(١) ولاية الفقيه : ج ١ ص ٦٦.

(٢) التوبة : ١٠٥.

(٣) البقرة : ١٤٣.

(٤) المائدة : ٢٠.

۲۸۱۱