إذا شاء أن يعلم علم (١) ، أو أنّ الإمام يرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، وغير ذلك. وكيف كان فلا يخفى عليك أنّه لا وجه لعدم ذكر النوع الأخير في كلام المصنف.

الثالث : في مقدار علم الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ وأنّى لنا بهذا مع أنّ الأئمة فاقوا فيه الأوّلين والآخرين بعد رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وبلغوا فيه إلى حدّ لا يحتاج أحد إلى شيء من امور دينه ودنياه وسعادته وآخرته إلّا كان علمه عندهم ولهم الجواب ، وهم الدعاة إلى سبيل الخير والسعادة الواقعية ، وقد أرشدوا الناس طيلة حياتهم إلى الحياة الطيبة ، ولم يعطلوا في قبال سؤال ولو لم يكن من الامور الدينيّة ، كما تشهد لذلك الأسئلة المختلفة الّتي جاءت إليهم من الموافقين والمخالفين والملحدين ، فأجابوها بأمتن الجواب وأحسنه.

ولهم الاشراف على الامور حتّى النيّات والأعمال ، وعلى ما وقع ، وعلى ما يقع ، وعلى منطق الطيور ، وعلى ما يحتاج إليه الجن وغيرهم. ولا بدّ أن أقول : كيف أقول في وصفكم وثنائكم أئمتي الأبرار ، مع ما في لساني الكالّ من اللكنة ، وما في ذهني الفاتر من القصور ، بل الأحسن أن اكتفي بما قلتم أنتم في وصفكم : (كلامكم نور وأمركم رشد ، ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير ، وعادتكم الإحسان وسجيتكم الكرم ، وشأنكم الحقّ والصدق والرفق ، وقولكم حكم وحتم ، ورأيكم علم وحلم وحزم ، إن ذكر الخير كنتم أوّله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه ، بأبي أنتم وامي ونفسي ، كيف أصف حسن ثنائكم ، واحصي جميل بلائكم؟ وبكم أخرجنا الله من الذلّ وفرّج عنا غمرات الكروب ، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار ، بأبي أنتم وامي ونفسي بموالاتكم علّمنا الله معالم ديننا ، وأصلح ما كان فسد من دنيانا ، وبموالاتكم

__________________

(١) الاصول من الكافي : ج ١ ص ٢٥٨.

۲۸۱۱