الناطقة ، التي هي الروح ، ولا دخل في تشخص النفس الناطقة إلّا مادة البدن مع صورة ما ، فالصورة المعينة لا مدخلية لها ، ألا ترى أن شخص الطفل بعينه هو شخص الكهل ، أو الشيخ ، مع أنّ بدن الكهل أو الشيخ ، ليس بدن الطفل بعينه ، فإذا كانت روح المثاب روح المطيع الباقي بعينه ، ومادة بدنه مادة بدنه بعينها ، فلا يلزم أن يكون المثاب غير المطيع ، كما لا يلزم أن يكون الكهل غير الطفل» (١) ، ولا يخفى عليك أنّه إن أراد من قوله : ولا دخل في تشخّص النفس الناطقة» إلخ ، دخالة مادة ما في تشخّص النفس الناطقة عقلا ، ففيه منع ، لما عرفت آنفا.

وإن أراد دخالتها شرعا فهو ، وإليه يرجع أيضا ما في متن تجريد الاعتقاد حيث قال : «ويتأوّل (أي العدم يتأول) في المكلّف (بفتح اللام) بالتفريق كما في قصة إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ» وقال الشارح العلّامة في شرح عبارة المحقق الطوسي ـ قدس‌سرهما ـ : «وأما المكلّف الذي يجب إعادته فقد أوّل المصنّف ـ رحمه‌الله ـ معنى إعدامه بتفريق أجزائه ولا امتناع في ذلك ـ إلى أن قال ـ : فإذا فرّق أجزاءه كان هو العدم ، فإذا أراد الله تعالى إعادته جمع تلك الأجزاء وألّفها كما كانت ، فذلك هو المعاد» إلى آخر عبارته فراجع (٢).

ولا استغراب في هذا الجمع عن الحكيم القدير الخبير ، روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيّوب عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه‌السلام ـ : «إنّ إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ نظر إلى جيفة ، على ساحل البحر تأكلها سباع البر ، وسباع البحر ثم يثب السباع بعضها على بعض ، فيأكل بعضها بعضا ، فتعجب إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ فقال : «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ

__________________

(١) سرمايه الإيمان : ص ١٥٩ ـ ١٦٠.

(٢) شرح تجريد الاعتقاد : ص ٤٠٢ ، الطبع الجديد.

۲۸۱۱