إلى بدنه المذكور ، فالمراد به حينئذ هو الآخرة ، وقد يستعمل المعاد بمعناه المصدري من عاد يعود عودا ومعادا ، فالمراد به هو عودة الأرواح إلى أبدانها هذا كلّه بناء على بقاء الروح وانفكاكه عن البدن بالموت كما هو المختار ، وأمّا بناء على اتحاده مع البدن وفنائه بالموت ، فالمراد من المعاد حينئذ هو الوجود الثاني للأجسام والأبدان وإعادتها بعد موتها وتفرّقها ، وكيف كان فقد استعمل المعاد في القرآن الكريم ، ولكن لم يعلم أنّ المقصود منه هو المعاني الاصطلاحية المذكورة لاحتمال أن يكون المقصود منه محل عود النبي إليه وهو مكّة ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (١) وأمّا كلمة الميعاد فهي مستعملة في يوم القيامة ، ولكنّه ليست من العود بل هي من الوعد ﴿رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٢).

نعم شاع استعماله في كلمات المتشرعة ، بل في الآثار والأخبار ، ومنها ما ورد عن مولانا أمير المؤمنين ـ عليه‌السلام ـ : «فاتقوا الله تقية من سمع فخشع ـ إلى أن قال ـ : وأطاب سريرة وعمّر معادا واستظهر زاد اليوم ليوم رحيله» (٣).

ومنها ما جاء في بعض الأدعية : «اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد أهل الذكر الذين امرت بمسألتهم وذوي القربى الذين امرت بمودّتهم وفرضت حقّهم وجعلت الجنة معاد من اقتصّ آثارهم» (٤).

الثاني : أنّ الإنسان الحي ليس بدنا محضا ولا روحا محضا ، بل هو مركب من الروح والبدن ، والروح وإن لم يعلم حقيقته ، ولكن يعلم أنّه غير البدن وقابل

__________________

(١) القصص : ٨٥.

(٢) آل عمران : ٩

(٣) نهج البلاغة فيض الاسلام : ج ١ ص ١٧٨ ، الخطبة ٨٢.

(٤) مفاتيح الجنان : أعمال يوم الغدير.

۲۸۱۱