والخامس : أنّ ما عند الأئمة ـ عليهم‌السلام ـ من علم الحلال والحرام والشرائع والأحكام نزل به جبرئيل ـ عليه‌السلام ـ وأخذوه من رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فتحرم على الامة مخالفتهم في الحكم والفتوى اعتمادا على الرأي والقياس والاجتهاد ، ويجب عليهم الأخذ بأحاديثهم وفتاويهم ، ورد ما يرد عن مخالفيهم ؛ لأنّ ما عندهم أوثق مما عند غيرهم ، ومعلوم أنّ ما ورد في كون أحاديث الأئمة الاثني عشر وعلومهم ـ عليهم‌السلام ـ عن النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ من طرق العامّة والخاصّة قد تجاوزت حد التواتر ، بل لا يسعها المجلدات الضخام ولسنا بصدد استقصائها في هذا الكتاب (١) ، فما قاله أئمتنا ـ عليهم‌السلام ـ قاله النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ فيجب الاتباع عنهم كما يجب الاتباع عن النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ.

المقام السادس : في كون الإمامة لطفا ورحمة ، ولا سترة فيه : بعد ما عرفت من شئون الإمامة فإنّ شئون الإمامة عين شئون نبوة نبينا عدا الوحي ، فكما أنّ النبوة لطف ورحمة كذلك الإمامة.

قال الحكيم المتألّه المولى محمّد مهدي النراقي : إنّ رتبة الإمامة قريب برتبة النبوة إلّا أن النبيّ مؤسس للتكاليف الشرعية بمعنى أنه جاء بالشريعة والأحكام والأوامر والنواهي من جانبه تعالى ابتداء ، والإمام يحفظها ويبقيها بعنوان النيابة عن النبيّ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ (٢).

ثم إنّ في الإمامة كالنبوة مراتب من اللطف والرحمة الّتي تقتضيها رحيميته تعالى ، وكماله المطلق ، فأصل وجود الإمام لطف فإنّه إنسان كامل كما أن تصرفه في الناس بهدايتهم وإرشادهم إلى ما فيه الصلاح والسعادة ، وتدبير شئونهم ومصالحهم ، وإقامة العدل ورفع الظلم والعدوان من بينهم ، وتزكيتهم

__________________

(١) جامع أحاديث الشيعة : ج ١ ص ١١ الطبع الثاني.

(٢) أنيس الموحدين : ص ١٢٧.

۲۸۱۱