الواضح أيضا أنّ حقيقة هذه العلاقة المعبّر عنها بالولاية ، بين الله ورسوله وهؤلاء الذين آمنوا ، وبين أفراد الامة الإسلامية ليست كالرابطة المتقابلة بين فردين أو جماعتين من الامة أي رابطة الحبّ والتعاون والتناصر ، وإنما هي علاقة خاصّة يكون أحد الطرفين فيها مؤثّرا في الآخر دون العكس ، وليست هي إلّا الأولوية في التصرف ، وإن اختلفت بالنسبة إلى الله تعالى وإلى غيره أصالة وتبعا وشدّة وضعفا ، فولاية الله تعالى هي الأصيلة في حين أنّ ولاية الرسول ومن يتلوه هي ولاية مستمدّة من ولاية الله تعالى.

إذا لاحظنا هذا الذي قلناه وأدركنا الربط بين الحكم الوارد في هذه الآية ومدى تناسبه مع موضوعه ، وركّزنا على جعل ولاية الذين آمنوا ـ هؤلاء ـ في سياق ولاية الله تعالى ورسوله عرفنا بدقّة أنّ المراد منهم أولو الأمر الذين افترض الله طاعتهم على المؤمنين ، وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله ـ إلى أن قال ـ : وقد جاءت الولاية المعطاة لهؤلاء مطلقة في الآية بلا أي تقييد بجانب معيّن من الجوانب ؛ ولذا فيلتزم بهذا الإطلاق إلّا ما خرج بالدليل القطعيّ ، وهو الاستقلال بالولاية التكوينيّة والتشريعيّة ، فولايتهم على أيّ حال تبعية متفرعة على ولاية الله تعالى الأصيلة المستقلة (١).

وبالجملة مقتضى مغايرة المضاف مع المضاف إليه في قوله : ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ أنّ المراد من الوليّ هو الأولى بالتصرّف وإلّا فلا مغايرة بعد كون النصرة أو المحبّة لا تختص بقوم دون قوم ؛ لأنّ كلّ مؤمن بالنسبة إلى آخر يكون كذلك ، مع أنّ سياق الآية لا يكون في مقام بيان كون المؤمنين بعضهم محبّا أو ناصرا للبعض ؛ إذ الآية في مقام بيان تعيين الأولياء من طرف واحد ، وهم : الله والرسول والذين آمنوا.

__________________

(١) الامامة والولاية : ص ٦٢ ـ ٦٤.

۲۸۱۱