أشراط الساعة ، ويمكن أن يقال : إن العادة وإن انتقضت عند أشراط الساعة ، ولكن المعجز لا يصير عاديا للإنسان في ذلك الحين كما لا يخفى ، نعم لو افاد ذلك وعلله بأن صدور المعجز في ذلك الحين بعد رفع التكليف لا فائدة فيه ؛ لانقضاء وقت الايمان كان صحيحا.

الرابع : أن يحدث عقيب دعوى المدعي للنبوة أو جاريا مجرى ذلك ، ونعني بالجاري مجرى ذلك أن يظهر دعوى النبي في زمانه ، وأنه لا مدعى للنبوة غيره ، ثم يظهر المعجز بعد أن ظهر معجز آخر عقيب دعواه ، فيكون ظهور الثاني كالمتعقب لدعواه ؛ لأنه يعلم تعلقه بدعواه ، وأنه لأجله ظهر كالذي ظهر عقيب دعواه. وفيه أن ذلك يفهم من قول المصنف حيث قال : ومطابقة الدعوى ؛ لأنه يدل على أمرين : أحدهما : وجود الدعوى وثانيهما : مطابقة المعجز لدعواه بحيث يكون شاهد صدق له ، فلا حاجة إلى اشتراطه.

الخامس : أن يكون المعجز خارقا للعادة ، وفيه أن الشرط الخامس من مقومات المشروط ، إذ المعجز لا يتحقق بدون خرق العادة ، فكيف يمكن أن يجعل من شرائطه ، مع أن صريح كلامه ـ قدس‌سره ـ هكذا «ولا بد في المعجزة من شروط أحدها ـ إلى أن قال ـ : الخامس : أن يكون خارقا للعادة».

ثانيها : أن الفرق بين المعجزة وبين السحر والشعبذة ونحوها واضح ، بعد ما عرفت أن لتلك الامور أسبابا خاصة عادية ، ولو كانت خفية ، حيث يمكن تعلمها وتعليمها ، بخلاف المعجزة ، فإنها ليست إلّا من ناحيته تعالى ، ولذلك أتى النبي بالمعجز ، فيما إذا كانت الحاجة إلى إقامته بما يريده الناس ، بخلاف السحرة ونحوهم ، فإنهم لا يتمكنون من إقامة ما يريده الناس ، بل أتوا بما تعلموه وهو محصور في امور خاصة يمكن تعلمها (١) ، ولإمكان تعلم السحر أمكنت المعارضة

__________________

(١) راجع انيس الموحدين : ص ١٨٤ الطبعة الحديثة.

۳۲۰۱