بخاتم الله ، سابق في علم الله ، وضع الله عن العباد علمه ، ورفعه فوق شهاداتهم ؛ لأنهم لا ينالونه بحقيقة الربانية ، ولا بقدرة الصمدانية ، ولا بعظمة النورانية ، ولا بعزة الوحدانية ؛ لأنه بحر زاخر مواج ، خالص لله عزوجل ، عمقه ما بين السماء والأرض ، عرضه ما بين المشرق والمغرب ، أسود كالليل الدامس ، كثير الحيّات والحيتان ، تعلو مرّة وتسفل اخرى ، في قعره شمس تضيء ، لا ينبغي أن يطلع عليها إلّا الواحد الفرد ، فمن تطلع (يطّلع) عليها فقد ضاد الله في حكمه ، ونازعه في سلطانه ، وكشف عن سره وستره ، وباء بغضب من الله ، ومأواه جهنم ، وبئس المصير» (١) والمحصل من الخبر ان التقديرات الإلهية ليست واضحة للخلق وان كانت حكمها عن حكمة ومصلحة ولكنه لا يعلمها الّا الله تعالى ولذا نهى عن الغور فيها لعدم تمكّنهم من واقعها.

ومنها : ما رواه السيوطي عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أنه قال : «إذا ذكر القدر فأمسكوا» (٢).

ومنها : ما روي عن علي ـ عليه‌السلام ـ أيضا أنه سئل عن القدر ، فقيل له : «أنبئنا عن القدر ، يا أمير المؤمنين فقال : سر الله فلا تفتشوه ، فقيل له الثاني : أنبئنا عن القدر يا أمير المؤمنين قال : بحر عميق فلا تلحقوه [فلا تلجوه ـ خ ل]» (٣).

ولتلك الأخبار ذهب الصدوق ـ رحمه‌الله ـ في الاعتقادات إلى أن الكلام في القدر منهي عنه.

والجواب عن تلك الأخبار أولا : بضعف السند ، لذلك قال الشيخ المفيد ـ قدس‌سره ـ : «إن الشيخ

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥ ص ٩٧.

(٢) راجع يازده رساله فارسى ص ٤٤٩ ، نقلا عن الجامع الصغير للسيوطي وعن الطبراني.

(٣) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٢٣.

۳۲۰۱