الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يقول إن الله عزوجل كلف العباد ما يطيقون ، ولم يكلفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ» (١).

ومنها : ما روي عن الوشاء عن أبي الحسن الرضا ـ عليه‌السلام ـ قال : «سألته فقلت : الله فوض الأمر إلى العباد؟ قال : الله أعز من ذلك ، قلت : فأجبرهم على المعاصي؟ فقال : الله أعدل وأحكم من ذلك» (٢).

لا يقال : إن القبائح لو كانت مستندة إليه تعالى لما حكم سبحانه بحسن جميع ما خلق ، مع أنه قال عزوجل : ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (٣) ، لأنا نقول : نعم ، هذا لو كان الاستناد من دون وساطة الاختيار للعباد وأما مع الوساطة المذكورة فلا قبح فيه ، بل هو حسن ؛ لأن مرجعه إلى خلقة العباد مختارين وقادرين وغير مجبورين في الأفعال ، بحيث يتمكنون من الإطاعة والعصيان ، حتى يمكن لهم أن يصلوا إلى اختيار الكمال مع وجود المزاحمات ، وهو أفضل أنواع الكمالات ، فخلقة الاختيار في الإنسان ـ ولو اختار بعض الناس الكفر والعصيان بسوء اختيارهم ـ خلقة حسنة ، بملاحظة أن الكمال الاختياري ، المتقوم بالمزاحمات الداخلية والخارجية لا يمكن وجوده إلّا بخلقة الاختيار في العباد ، والمفروض أن الكمال المذكور من أحسن الامور في النظام ، فمراعاته حسنة والاخلال به لا يساعده الحكمة واللطف كما لا يخفى.

ثم إن الظاهر من عبارة الشيخ المفيد ـ قدس‌سره ـ أن التفويض هو القول برفع الحظر عن الخلق في الأفعال ، والإباحة لهم ما شاءوا من الأعمال ونسبه إلى بعض الزنادقة وأصحاب الاباحات (٤).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٠.

(٢) بحار الأنوار : ج ٥ ص ١٦.

(٣) السجدة : ٧.

(٤) تصحيح الاعتقاد : ص ١٤.

۳۲۰۱