وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ» (١).

الخامس : أن الاختلافات من جهة الأنواع والأصناف والأوصاف كالسواد والبياض أو البلادة والذكاوة أو النقص والتمام أو الرجولية والانوثية أو الإنسانية والحيوانية وغير ذلك ، لا تنافي العدل ؛ لأن العدل كما عرفت هو إعطاء كل ذي حق حقه ، ومن المعلوم أنه لا حق للشيء قبل خلقته ، فكل ما أعطاه الله تعالى للأشياء ، هو فضل لا حق ، وحيث ثبت أن كل ما أعطاه الله فضل ، فالاختلاف فيه لا يكون ظلما ، وإليه يرشد ما روي عن جابر بن يزيد الجعفي حيث قال : «قلت لأبي جعفر محمّد بن علي الباقر ـ عليهما‌السلام ـ : يا ابن رسول الله إنا نرى الأطفال منهم من يولد ميتا ومنهم من يسقط غير تام ، ومنهم من يولد أعمى ، وأخرس وأصم ، ومنهم من يموت من ساعته إذا سقط إلى الارض ، ومنهم من يبقى إلى الاحتلام ، ومنهم من يعمّر حتى يصير شيخا ، فكيف ذلك ، وما وجهه؟ فقال ـ عليه‌السلام ـ : إن الله تبارك وتعالى أولى بما يدبره من أمر خلقه منهم ، وهو الخالق والمالك لهم ، فمن منعه التعمير ، فإنما منعه ما ليس له ، ومن عمره فإنما أعطاه ما ليس له ، فهو المتفضل بما أعطى ، وعادل فيما منع ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون» (٢).

وبالجملة فالاختلاف والتبعيض لا ينافي العدل ، نعم لقائل أن يسأل عن حكمة ذلك ، ولكن الجواب عنه واضح ؛ لأنه لو لا الاختلافات لما وجد العالم المادي ، والنظام الاجتماعي ، مع أن خلقة العالم المادي ، والنظام الاجتماعي مقصود ، لكونه راجحا ، إذ لو كان المعيار هو التساوي المطلق لزم أن لا يوجد إلّا شيء واحد ، وهو لغو ، وليس بمقصود ولا يصدر منه ، كما أنه لو كان المعيار

__________________

(١) البقرة : ١٥٥ ـ ١٥٧.

(٢) نور الثقلين : ج ٣ ص ٤١٩.

۳۲۰۱