رواية إسحاق بن عمّار : «المؤمنون عند شروطهم إلاّ شرطاً حرّم حلالاً أو أحلّ حراماً» (١) ظاهرٌ بل صريحٌ في فعل الشارط ؛ فإنّه الذي يرخّص باشتراطه الحرام الشرعي ، ويمنع باشتراطه عن المباح الشرعي ؛ إذ المراد من التحريم والإحلال ما هو من فعل الشارط لا الشارع. وأصرح من ذلك كلّه المرسل المرويّ في الغنية : «الشرط جائزٌ بين المسلمين ما لم يمنع منه كتابٌ أو سنّة» (٢).

المراد بحكم الكتاب والسنّة

انقسام الحکم الشرعی إلى قسمین

ثمّ إنّ المراد بحكم الكتاب والسنّة الذي يعتبر عدم مخالفة المشروط أو نفس الاشتراط له هو ما ثبت على وجهٍ لا يقبل تغيّره بالشرط لأجل تغيّر موضوعه بسبب الاشتراط.

١ ـ ما يثبت للشيء من حيث نفسه

توضيح ذلك : أنّ حكم الموضوع قد يثبت له من حيث نفسه ومجرّداً عن ملاحظة عنوانٍ آخر طارٍ عليه ، ولازم ذلك عدم التنافي بين ثبوت هذا الحكم وبين ثبوت حكمٍ آخر له إذا فرض عروض عنوانٍ آخر لذلك الموضوع. ومثال ذلك أغلب المباحات والمستحبّات والمكروهات بل جميعها ؛ حيث إنّ تجوّز (٣) الفعل والترك إنّما هو من حيث ذات الفعل ، فلا ينافي طروّ عنوانٍ يوجب المنع عن الفعل أو الترك ، كأكل اللحم ؛ فإنّ الشرع قد دلّ على إباحته في نفسه ، بحيث لا ينافي عروض التحريم له إذا حلف على تركه أو أمر الوالد بتركه ، أو عروض الوجوب له إذا صار مقدّمةً لواجبٍ أو نَذَرَ فعله مع انعقاده.

__________________

(١) راجع الصفحة ٢٢.

(٢) الغنية : ٣١٥.

(٣) كذا في «ق» ، وفي «ش» : «تجويز» ، والأصحّ : «جواز».

۳۳۶۱