وقد يناقش في ذلك : بأنّ الخصاء موجبٌ في نفسه لنقص القيمة لفوات بعض المنافع عنه كالفحولة ، وإنّما يرغب في الخصيّ قليلٌ من الناس لبعض الأغراض الفاسدة ، أعني : عدم تستّر النساء منه (١) فيكون واسطةً في الخدمات بين المرء وزوجته ، وهذا المقدار لا يوجب زيادةً في أصل الماليّة ، فهو كعنبٍ معيوب يُرغب فيه لجودة خمره.

لكنّ الإنصاف : أنّ الراغب فيه لهذا الغرض حيث يكون كثيراً لا نادراً بحيث لا يقدح في قيمته المتعارفة لولا هذا الغرض ، صحّ أن يجعل الثمن المبذول من الراغبين مقداراً لماليّة الخصيّ ، فكأنّ هذا الغرض صار غرضاً مقصوداً متعارفاً ، وصحّة الغرض وفساده شرعاً لا دخل لها في الماليّة العرفيّة ، كما لا يخفى.

وبالجملة ، فالعبرة في مقدار الماليّة برغبة الناس في بذل ذلك المقدار من المال بإزائه ، سواءً كان من جهة أغراض أنفسهم أم من جهة بيعه على من له غرضٌ فيه مع كثرة ذلك المشتري وعدم ندرته بحيث يلحق بالاتّفاقيات.

__________________

(١) في «ق» : «منهنّ» ، ولعلّه من سهو القلم.

۴۴۸۱