على جهة (١) اللهو المناسب لسائر آلاته ، فلا دليل على تحريمه لو فرض شمول «الغناء» له ؛ لأنّ مطلقات الغناء منزَّلة على ما دلّ على إناطة الحكم فيه باللهو والباطل من الأخبار المتقدمة ، خصوصاً مع انصرافها في أنفسها كأخبار المغنّية إلى هذا الفرد.

بقي الكلام فيما استثناه المشهور من الغناء ، وهو أمران :

استثناء الحُداء من حرمة الغناء

أحدهما الحُداء بالضم كدعاء : صوت يرجَّع فيه للسير بالإبل. وفي الكفاية : أنّ المشهور استثناؤه (٢) وقد صرّح بذلك في شهادات الشرائع والقواعد ، وفي الدروس (٣).

وعلى تقدير كونه من الأصوات اللهوية كما يشهد به استثناؤهم إيّاه عن الغناء بعد أخذهم الإطراب في تعريفه فلم أجد ما يصلح لاستثنائه مع تواتر الأخبار بالتحريم ، عدا رواية نبوية ذكرها في المسالك (٤) من تقرير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعبد الله بن رواحة حيث حدا للإبل ، وكان حسن الصوت (٥). وفي دلالته وسنده ما لا يخفى.

استثناء غناء المغنّية في الاعراس

الثاني ـ غناء المغنّية في الأعراس إذا لم يكتنف بها (٦) محرّم آخر ـ  من التكلّم بالأباطيل ، واللعب بآلات الملاهي المحرّمة ، ودخول‌

__________________

(١) في «ف» : «وجه».

(٢) كفاية الأحكام : ٨٦.

(٣) الشرائع ٤ : ١٢٨ ، القواعد ٢ : ٢٣٦ ، الدروس ٢ : ١٢٦.

(٤) المسالك (الطبعة الحجرية) ٢ : ٣٢٣.

(٥) رواها البيهقي في سننه ١٠ : ٢٢٧ ، وفيه : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعبد الله ابن رواحة : «حرّك بالنوق» فاندفع يرتجز ، وكان عبد الله جيّد الحداء.

(٦) كذا في النسخ ، وفي مصححة «ص» : به. وهو المناسب.

۴۰۹۱