ورواية أبي بصير ، قال : «سألت أبا عبد الله عليه‌السلام (١) عن كسب المغنّيات ، فقال : التي يدخل عليها الرجال حرام ، والتي تدعى إلى الأعراس لا بأس به ، وهو قول الله عزّ وجلّ ﴿وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ» (٢).

وعن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «قال عليه‌السلام : أجر المغنّية التي تزفّ العرائس ليس به بأس ، ليست بالتي يدخل عليها الرجال» (٣).

فإنّ ظاهر الثانية وصريح الاولى : أنّ حرمة الغناء منوط بما يقصد منه ، فإن كان المقصود إقامة مجلس اللهو حرم ، وإلاّ فلا.

وقوله عليه‌السلام في الرواية : «وهو قول الله» إشارة إلى ما ذكره من التفصيل ، ويظهر منه (٤) أنّ كلا الغنائين من لهو الحديث ، لكن يقصد بأحدهما إدخال الناس في المعاصي والإخراج عن سبيل الحق وطريق الطاعة ، دون الآخر.

توجيه الروايات

وأنت خبير بعدم مقاومة هذه الأخبار للإطلاقات ؛ لعدم ظهور يعتد به في دلالتها ، فإنّ الرواية الأُولى لعلي بن جعفر ظاهرة في تحقّق المعصية بنفس الغناء ، فيكون المراد بالغناء مطلق الصوت المشتمل على‌

__________________

(١) كذا في الوسائل أيضاً ، وفي «ص» والكافي (٥ : ١١٩ ، الحديث الأوّل) ، والتهذيب (٦ : ٣٥٨ ، الحديث ١٠٢٤) ، والاستبصار (٣ : ٦٢ ، الحديث ٢٠٧) : سألت أبا جعفر عليه‌السلام.

(٢) الوسائل ١٢ : ٨٤ ، الباب ١٥ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث الأوّل.

(٣) الوسائل ١٢ : ٨٥ ، الباب ١٥ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٣.

(٤) في شرح الشهيدي (٧٦) : يعني من قوله عليه‌السلام : «وهو قول الله».

۴۰۹۱