استدلال القائلين بالاحتياط

إنّ الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، فذمّة المكلّف مشغولة بالواجب المردّد بين الأقل والأكثر ، ولا يحصل اليقين بالبراءة إلاّ بالإتيان بالأكثر نظير ما إذا دار أمر الصلاة الفائتة بين إحدى الصلاتين : المغرب أو العشاء ، فيجب الإتيان بالأقل والأكثر كما يجب الإتيان بكلتا الصلاتين.

يلاحظ عليه : وجود الفرق بين المشبّه (دوران الواجب بين الأقل والأكثر) والمشبّه به (دوران الواجب بين المتباينين) فانّ العلم الإجمالي في الثاني باق على حاله حيث إنّ الواجب مردد بين شيئين مختلفين غير متداخلين كصلاتي المغرب والعشاء.

وهذا بخلاف المقام فانّ الترديد زائل بأدنى تأمّل حيث يعلم وجوب الأقل على كلّ حال ، بنحو لا يقبل الترديد ، وإنّما الشك في وجوب الزائد أي السورة ، ففي مثله يكون وجوب الأقل معلوما على كلّ حال ، ووجوب الزائد مشكوكا من رأس ، فيأخذ بالمتيقن وتجري البراءة في المشكوك.

ومن ذلك يعلم أنّ عدّ الشكّ في الأقل والأكثر الارتباطيين من باب العلم الإجمالي إنّما هو بظاهر الحال وبدء الأمر ، وأمّا بالنسبة إلى حقيقة الأمر فوجوب الزائد داخل في الشبهة البدوية التي اتفق الأخباري والأصولي على جريان البراءة فيها.

المسألة الثانية : دوران الأمر بين الأقل والأكثر لأجل إجمال النص

إذا دار الواجب بين الأقل والأكثر لأجل إجمال النصّ ، كما إذا علّق الوجوب في الدليل اللفظي بلفظ مردّد معناه بين مركبين يدخل أقلّهما تحت الأكثر بحيث يكون إتيان الأكثر إتيانا للأقل ، ولا عكس ، كما إذا دلّ الدليل على غسل

۲۴۸۱