والأوّل ثابت بالتواتر والثاني بالضرورة حيث إنّه سبحانه أجلّ من أن يكون هازلا. والمفروض ثبوت ظهور مفرداته ومركّباته وجمله بطريق من الطرق السابقة وهو التبادر وصحّة الحمل والسلب والإطراد. ولم يبق إلاّ الأمر الرابع وهو حجّية ظهور كلامه ، والكتاب الكريم كتاب هداية وبرنامج لسعادة الإنسان والمجتمع ، فلازم ذلك أن تكون ظواهره حجّة كسائر الظواهر ، وعلى ذلك فما ذهب إليه الأخباريون بحجيّة كلّ ظاهر إلاّ ظاهر الكتاب ممّا لا وجه له بل هو دعوى تقشعرّ منها الجلود ، وترتعد منها الفرائص ، إذ كيف توصف حجّة الله الكبرى ، والثقل الأعظم ، بعدم الحجّية مع أنّ الكتاب هو المعجزة الكبرى للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفيمكن أن يكون معجزا ولا يحتج بظواهره ومفاهيمه مع أنّ الإعجاز قائم على اللفظ والمعنى معا؟!

واعلم أنّه ليس المراد من حجّية ظواهر القرآن هو استكشاف مراده سبحانه من دون مراجعة إلى ما يحكم به العقل في موردها ، أو من دون مراجعة إلى الآيات الأخرى التي تصلح لأن تكون قرينة على المراد ، أو من دون مراجعة إلى الأحاديث النبوية وروايات العترة الطاهرة في إيضاح مجملاته وتخصيص عموماته وتقييد مطلقاته.

فالاستبداد في فهم القرآن مع غض النظر عمّا ورد حوله من سائر الحجج ضلال لا شكّ فيه ، كيف؟ والله سبحانه يقول : ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (النحل / ٤٤) فجعل النبي مبيّنا للقرآن وأمر الناس بالتفكّر فيه،فللرسول سهم في إفهام القرآن كما أنّ لتفكّر الناس وإمعان النظر فيه سهما آخر،وبهذين الجناحين يحلّق الإنسان في سماء معارفه ، ويستفيد من حكمه وقوانينه.

وبذلك تقف على مفاد الأخبار المندّدة بفعل فقهاء العامة كأبي حنيفة و

۲۴۸۱