العمل الّذي بلغ عليه الثواب ولو بخبر ضعيف» لما كان يجدي في جريانه (١) في خصوص ما دلّ على وجوبه أو استحبابه خبر ضعيف ، بل كان ـ عليه ـ مستحبّا (٢) ، كسائر ما دلّ الدليل على استحبابه (٣).

__________________

ـ على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه». وسائل الشيعة ١ : ٦٠ ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٦.

وهذه الأخبار هي المدرك لقاعدة التسامح في أدلّة السنن الّتي مفادها إثبات الاستحباب بالخبر الضعيف. وسيأتي مزيد توضيح آنفا.

(١) أي : في جريان الاحتياط في العبادة.

(٢) أي : بل كان العمل ـ على القول بدلالة تلك الأخبار على استحبابه ـ مستحبّا.

(٣) غرض المصنّف قدس‌سره من العبارة هو الإشارة إلى ضعف جواب آخر عن إشكال الاحتياط في العبادة.

توضيح الجواب : أنّ الشيخ الأعظم الأنصاريّ ـ بعد ما أجاب عن إشكال الاحتياط في العبادة بما مرّ ـ تعرّض لجواب آخر ، وهو : أنّ مدار إشكال الاحتياط في العبادة هو عدم إحراز تعلّق الأمر بالعمل ، فإنّ الاحتياط في العبادة عبارة عن إتيان العمل العباديّ بجميع ما له دخل فيه ، حتّى قصد الأمر ؛ فإذا دار الأمر بين كون عمل واجبا وكونه غير مستحبّ شكّ في تعلّق الأمر به وعدمه ، وما لم يحرز تعلّق الأمر به لا يتمشّى منه قصد القربة ، وما لم يتمشّ قصد القربة لم يتحقّق الاحتياط في العبادة. هذا. ويمكن دفع الإشكال باستكشاف تعلّق الأمر به من أخبار «من بلغ» ، فإنّها تدلّ على ثبوت الثواب في كلّ عمل يأتي به المكلّف بداعى التماس الثواب ، وثبوت الثواب لعمل دليل على استحبابه ، فهذه الأخبار تكشف عن تعلّق الأمر الاستحبابيّ بالعمل الّذي كان أمره دائرا بين الوجوب وغير الاستحباب ، فإنّ المكلّف يأتي به بداعى التماس الثواب. فيمكن له أن يتقرّب به بقصد امتثال أمره.

ثمّ ناقش الشيخ في هذا الجواب بأن ثبوت الثواب غير ملازم للاستحباب ولا بكاشف عن تعلّق الأمر بالشيء ، لاحتمال كون الثواب على الانقياد. راجع فرائد الاصول ٢ : ١٥٣ ـ ١٥٤.

وأمّا المصنّف قدس‌سره فناقش في الجواب بوجه آخر ، حاصله : أنّه لو سلّم دلالة أخبار «من بلغ» على استحباب كلّ فعل يأتي به المكلّف بداعى التماس الثواب ، لم يكن الإتيان بالفعل الدائر بين الوجوب وغير الاستحباب بداعي أمره المستفاد من أخبار «من بلغ» من الاحتياط ، بل حينئذ يثبت الأمر الاستحبابيّ لهذا العمل حقيقة ، ويكون إتيانه مستحبّا واقعا ، فلا مساس له حينئذ بالاحتياط المتقوّم باحتمال الأمر.

وبالجملة : فلا يجدي الأمر الاستحبابيّ المستفاد من أخبار «من بلغ» في إمكان الاحتياط في العبادة.

۴۴۳۱