__________________

ـ من قياسين :

الأوّل : أنّ الاحتياط حسن عقلا ، وكلّ ما حكم العقل بحسنه حكم الشرع بحسنه ، فالاحتياط حسن شرعا.

الثاني : الاحتياط حسن شرعا ، وكلّ ما حكم الشرع بحسنه تعلّق الأمر به شرعا ، فالاحتياط تعلّق به الأمر شرعا.

والحاصل : أنّ الاحتياط لمّا كان حسنا عقلا كان ـ بمقتضى قاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ـ متعلّقا للأمر الشرعيّ ، فيثبت الأمر به بنحو اللمّ ، وقصد هذا الأمر الشرعيّ كاف في الاحتياط في العبادة.

وقد ناقشه المصنّف قدس‌سره بوجهين :

الأوّل : ما أشار إليه بقوله : «ولو قيل بكونه موجبا لتعلّق الأمر به شرعا». ثمّ وضّحه بقوله الآتي : «مع أنّ حسن الاحتياط لا يكون بكاشف ... بل يكون حاله في ذلك حال الإطاعة ، فإنّه نحو من الانقياد والطاعة». وحاصل ما أفاده : أنّ حسن الاحتياط عقلا انّما يدلّ ـ بقاعدة الملازمة ـ على تعلّق الأمر الإرشاديّ بالاحتياط ، والأمر الإرشاديّ لا يصلح للتقرّب به. وبعبارة اخرى : لا يستكشف من قاعدة الملازمة تعلّق الأمر المولويّ بالاحتياط كي يمكن قصد امتثاله والتقرّب به ، بل غاية ما يستكشف منه تعلّق الأمر الإرشاديّ به ، ومن المعلوم أنّ الأمر الإرشاديّ لا يصلح للتقرّب به.

والوجه في عدم استكشافه من قاعدة الملازمة أنّ مورد قاعدة الملازمة هو الحكم العقليّ الواقع في مرتبة علل الأحكام من المصالح والمفاسد ، فإنّ هذا الحكم نشأ عن مصلحة في نفس متعلّقه ويكشف بقاعدة الملازمة أنّه مأمور به شرعا. وأمّا الحكم العقليّ الواقع في مرتبة معلولات الأحكام ـ من الإطاعة والمعصية والثواب والعقاب ـ فليس من موارد قاعدة الملازمة. والحكم العقليّ في باب الاحتياط من قبيل الثاني ، فإنّ حكم العقل بحسن الاحتياط كحكمه بحسن الإطاعة وقبح المعصية ، فحكمه بحسنه واقع في مرتبة معلولات الأحكام ، وحينئذ لا يكون الأمر بالاحتياط ـ المستفاد من قاعدة الملازمة أو الأخبار ـ إلّا إرشادا إلى ما يستقلّ به العقل من حسن الانقياد واستيفاء الواقع والتحرّز عن الوقوع في المفسدة الواقعيّة وفوات المصلحة النفس الأمريّة. فلا يستكشف من قاعدة الملازمة تعلّق الأمر الشرعيّ المولويّ بالاحتياط.

وهذا الوجه تعرّض له المحقّق النائينيّ وارتضى به على ما في فوائد الاصول ٣ : ٣٩٩.

ولكنّ المحقّق الأصفهانيّ أورد على هذا الوجه بما حاصله : أنّ قياس أوامر الاحتياط ـ

۴۴۳۱