__________________

ـ أن يترتّب العقاب على مخالفة الأمر به بنفسه ، لا على مخالفة الواقع ، مع أنّ صريح أخبار الوقوف ترتّب العقوبة على مخالفة الواقع ، حيث كان مفادها وجوب التوقّف والاحتياط لأجل الاجتناب عن الهلكة المحتملة المترتّبة على الاقتحام في الشبهات.

والحاصل : أنّه لا بدّ من حمل أخبار الوقوف على الإرشاد إلى حكم العقل بلزوم الاجتناب عن الضرر المحتمل ، فلا يعارض مع أدلّة البراءة الظاهرة في جواز ارتكاب مشتبه الحكم. انتهى ما أفاده الشيخ الأعظم في فرائد الاصول ٢ : ٧١.

وأمّا المصنّف رحمه‌الله : فقد اعترض عليه بأنّ الأمر المولويّ بالاحتياط لا ينحصر في هذين القسمين ، بل هناك قسم آخر ، وهو الأمر الطريقيّ ، بمعنى أنّ الشارع أمر بالاحتياط لأجل كونه موجبا لحفظ الواقع وعدم الوقوع في مخالفة الحرام أو الواجب ، فيكون حجّة على التكليف الواقعيّ المجهول وموجبا لتنجّزه. وحينئذ فإذا خالف الواقع بترك الاحتياط استحقّ المؤاخذة على مخالفته ، لعدم صحّة العذر بعدم البيان ، فإنّ الأمر بالاحتياط الصادر من الشارع بيان ، فيكون العقاب على مخالفة الواقع المجهول عقاب مع البيان.

وعليه يمكن القول بأنّ الأمر بالاحتياط المستكشف بالروايات المذكورة يصحّح استحقاق العقوبة على مخالفة الشبهة ، لأنّه بيان. ولا يصغى إلى ما أفاده الشيخ الأعظم.

وقد ذكر المحقّق الأصفهانيّ وجهين آخرين في تقريب استكشاف الأمر المولويّ الطريقيّ بالاحتياط من الروايات المذكورة.

والوجهان يبتنيان على أمرين :

أحدهما : كون الشبهة شاملة للشبهة البدويّة.

ثانيهما : ظهور الهلكة في العقوبة ، لا فيما يعمّ المفسدة.

الوجه الأوّل : استكشافه من التعليل بأنّ الوقوف في الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات ، فإنّ هذا التعليل يدلّ على أنّ الإقدام في كلّ شبهة اقتحام في العقوبة ؛ وبما أنّ العقوبة من آثار مخالفة الأمر المولويّ فيستكشف من التعليل المذكور ـ صونا للكلام عن اللغويّة ـ أنّ مصحّح العقوبة هو الأمر الطريقيّ الواصل مطلقا ، ولو كان وصوله من طريق وصول معلوله ، وهو العقوبة في كلّ شبهة ، ضرورة أنّه يمكن وصول النهي بوصول ما يترتّب عليه من العقوبة ، كما يمكن وصول الأمر بوصول ما يترتّب عليه من الثواب.

الوجه الثاني : استكشافه من الأمر بالتوقّف في الشبهات ، فإنّ أمر المخاطبين بالتوقّف المعلّل بهذه العلّة يكشف عن وصول الأمر الطريقيّ بالاحتياط إليهم ، وهذا ممّا لا مانع من احتماله في حقّ المخاطب ، وبضميمة قاعدة اشتراك الغائبين والمعدومين ـ

۴۴۳۱