بخلاف ظهور المطلق في الإطلاق ، فإنّه معلّق على عدم البيان ، والعامّ يصلح بيانا ، فتقديم العامّ حينئذ لعدم تماميّة مقتضي الإطلاق معه ، بخلاف العكس ، فإنّه موجب لتخصيصه بلا وجه إلّا على نحو دائر» ؛ ومن «أنّ التقييد أغلب من التخصيص» (١).

__________________

ـ كلّ محيي الأرض ، سواء سبقه أحد في إحيائها أو لم يسبقه أحد في إحيائها ؛ وكذا كلمة «الأرض» عامّ ، تشمل كلّ أرض محياة ، سواء كانت مواتا بالأصالة أو كانت محياة ثمّ عرض عليها الموت. وعلى هذا فعموم قوله : «من أحيا أرضا» يشمل المحيي الثاني ، فيدلّ على صيرورته مالكا للأرض بعمليّة الإحياء بعد خرابها.

وأمّا ذيلها : فهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فهي له». وهو ظاهر في الملكيّة المطلقة غير المؤقّتة ، فهو يدلّ بإطلاقه على أنّ المحيي الأوّل يصير مالكا للأرض بعمليّة الإحياء مطلقا ، سواء عرض عليها الموت أو لم يعرض.

فالرواية تدلّ بعموم صدرها على أنّ الأرض الّتي عرض عليها الموت بعد الإحياء يصير ملكا للمحيي الثاني إذا أحياها. وتدلّ بإطلاق ذيلها على أنّها ملك للمحيي الأوّل. فيعارض صدرها مع ذيلها. وحينئذ لا بدّ لنا إمّا من تقديم العموم على الإطلاق ، فيقيّد إطلاق ذيلها بعموم صدرها ويقال : «إنّها ملك للمحيي الأوّل بعد خرابها أيضا ، إلّا إذا أحياها محيي آخر» ؛ وإمّا من تقديم الإطلاق على العموم ، فيخصّص عموم صدرها بإطلاق ذيلها ويقال : «إنّ المحيي الثاني يملك الأرض بعمليّة الإحياء ، إلّا إذا سبقه في الإحياء فرد آخر».

(*) سنن البيهقيّ ٦ : ١٤٣ ، كنز العمّال ٣ : ٩١٠ ؛ مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٣٣٨ ؛ وسائل الشيعة ١٧ : ٣٢٧ ، الباب ١ من أبواب إحياء الموات ، الحديث ٥ و ٦.

(١) والحاصل : أنّ الشيخ الأعظم الأنصاريّ ذكر في تقديم العموم على الإطلاق وجهين :

أحدهما يبتني على مقالة سلطان العلماء في حقيقة الإطلاق والموضوع له أسماء الأجناس ، وثانيهما يبتني على مقالة المشهور هنا.

وتوضيحه : يتوقّف على تقديم مقدّمة :

وهي : أنّ في حقيقة الإطلاق والموضوع له أسماء الأجناس قولان :

أحدهما : أنّها موضوعة للطبيعة المهملة وذات المعنى بما هي هي ، لا المعنى المطلق.

فلا يكون استعمالها في المقيّد مجازا ، لأنّه أيضا أحد أفراد المعنى ، فيكون استعمالها فيه استعمالا في أحد أفراده. وهذا ما ذهب إليه المشهور.

ثانيهما : أنّها موضوعة للمعاني المطلقة ، على وجه يكون الإطلاق قيدا للموضوع لها ، فيكون استعمالها في المقيّد مجاز ، لأنّه استعمال في غير الموضوع له. وهذا ما ذهب إليه سلطان العلماء. ـ

۴۴۳۱