__________________

ـ ذات السبب تقتضي ترتّب التكليف عليه ، لما يعتبر بين العلّة والمعلول من السنخيّة ، فيعتبر أن يكون في العلّة ـ وهي السبب ـ بأجزائها ربط خاصّ تكون بسببه مؤثّرة في المعلول ـ أي التكليف ـ دون غيره ، ولا يكون غيرها مؤثّرا فيه ، بداهة أنّه لو لم تعتبر السنخيّة لزم أن يؤثّر كلّ شيء في كلّ شيء ، وهو ضروريّ البطلان. ومعلوم أنّ تلك الخصوصيّة من الخصوصيّات التكوينيّة الّتي لا تناط بجعل السببيّة ، بل الشيء بنفسه إمّا أن تكون واجدة لها ، وإمّا أن تكون فاقدة لها ، فجعل السببيّة لا تأثير له في وجود الخصوصيّة ولا في عدمها. وعليه فتكون السببيّة منتزعة عن أمر تكوينيّ ولم يتعلّق بها الجعل استقلالا.

وقد استشكل المحقّق الأصفهانيّ في كلا الوجهين :

أمّا الوجه الأوّل : فلأنّ ما يكون التكليف متأخّرا عنه هو ذات السبب ، لا عنوان السببيّة الّتي تنتزع من ترتّب التكليف على ذات السبب ، فلا يلزم الخلف من انتزاع عنوان السببيّة من ترتّب التكليف عليها ، إذ ما هو المتأخّر عن التكليف ـ وهو ذات السبب ـ غير المتأخّر عنه التكليف ـ وهو عنوان السببيّة ـ.

وأمّا الوجه الثاني : فلأنّ للتكليف مقامين : (أحدهما) مقام المصلحة. و (ثانيهما) مقام الجعل. ولا شكّ أنّ دخالة السبب ـ وهو دلوك الشمس مثلا ـ في تأثير المصلحة المقتضية لجعل المولى التكليف أمر تكوينيّ ، لا جعليّ ، إذ تأثير المصلحة من الامور الواقعيّة الماهويّة ، لا تكوينيّة ، ولا تشريعيّة. وأمّا إذا لوحظ مقام الجعل فللشارع أن يعلّق الطلب على شيء ، فصار ذلك الشيء سببا للتكليف ، بحيث لا يكون الإنشاء مصداقا للبعث إلّا إذا اقترن بذلك الشيء ، فتكون صيرورة الشيء سببا للتكليف ممّا بيد الشارع ، فله أن يعتبر وجوده في موضوع الحكم فتنتزع عنه عنوان السببيّة ، وأن يعتبر عدمه فيه فتنتزع عنه عنوان المانعيّة. نهاية الدراية ٣ : ١٢٥ ـ ١٢٦.

واستشكل المحقّق الخوئيّ أيضا ـ تبعا لاستاذه المحقّق النائينيّ ـ فيما أفاد المصنّف قدس‌سره بما حاصله : أنّ استدلال المصنّف قدس‌سره في كلا الوجهين مبنيّ على الخلط بين الجعل والمجعول ، لأنّ ما لا يقبل الجعل ـ وهو شرائط الجعل من المصالح والمفاسد ـ خارج عن محلّ الكلام ، وما هو محلّ الكلام ـ وهو السببيّة والشرطيّة والمانعيّة بالنسبة إلى التكليف المجعول ـ يقبل الجعل بتبع التكليف. فوائد الاصول ٤ : ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ، موسوعة الإمام الخوئيّ (مصباح الاصول) ٤٨ : ٩٦ ـ ٩٧.

ولكن أورد عليه المحقّق الأصفهانيّ بأنّ الجعل والمجعول واحد بالذات ، وانّما يختلفان بالاعتبار. نهاية الدراية ٣ : ١٢٥ ـ ١٢٦. ـ

۴۴۳۱