إن قلت : كيف يحكم بصحّتها مع عدم الأمر بها؟! وكيف يصحّ الحكم باستحقاق العقوبة على ترك الصّلاة الّتي امر بها حتّى فيما إذا تمكّن ممّا امر بها (١) ـ كما هو (٢) ظاهر إطلاقاتهم ـ بأن علم بوجوب القصر أو الجهر بعد الإتمام والإخفات وقد بقي من الوقت مقدار إعادتها قصرا أو جهرا؟! ضرورة أنّه لا تقصير هاهنا يوجب استحقاق العقوبة.

وبالجملة : كيف يحكم بالصحّة بدون الأمر؟! وكيف يحكم باستحقاق العقوبة مع التمكّن من الإعادة لو لا الحكم شرعا بسقوطها وصحّة ما اتي به؟!

قلت : إنّما حكم بالصحّة لأجل اشتمالها على مصلحة تامّة لازمة الاستيفاء في نفسها مهمّة في حدّ ذاتها ، وإن كانت دون مصلحة الجهر والقصر ، وإنّما لم يؤمر بها لأجل أنّه امر بما كانت واجدة لتلك المصلحة على النحو الأكمل والأتمّ.

وأمّا الحكم باستحقاق العقوبة مع التمكّن من الإعادة ، فإنّها بلا فائدة ، إذ مع استيفاء تلك المصلحة لا يبقى مجال لاستيفاء المصلحة الّتي كانت في المأمور بها ،

__________________

(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «ممّا امر به» ، أو يقول : «حتّى فيما إذا تمكّن منها».

(٢) أي : استحقاق العقوبة حتّى فيما إذا تمكّن من إتيان المأمور به.

والحاصل : أنّ في المقام إشكالان :

أحدهما : أنّ الصحّة هي انطباق المأمور به على المأتي به ، والمفروض أنّ المأتي به ـ وهو الصلاة جهرا المأتي بها في موضع الإخفات ـ ليس مأمورا به ، فكيف يعقل الحكم بصحّة المأتي به مع عدم الأمر به؟

ثانيهما : أنّ الظاهر من إطلاقات الفقهاء أنّه لو أتى المكلّف بالصلاة جهرا في موضع الإخفات أو أتى بها قصرا في موضع الإتمام وكان عن تقصير ، يستحقّ العقوبة على ترك المأمور به ـ وهو الصلاة إخفاتا والصلاة تماما ـ ، وإن صحّت ما أتى به ـ أي الصلاة جهرا والصلاة قصرا ـ فلا إعادة عليه ، سواء تمكّن من فعل المأمور به على ما هو عليه ثانيا كأن يبقى من الوقت بمقدار إعادته ، أو لم يتمكّن منه. وحينئذ يشكل بأنّه كيف يعقل الحكم باستحقاق العقاب على ترك المأمور به مع كون المكلّف متمكّنا من إتيانه على ما هو عليه مع بقاء الوقت لو لا حكم الشارع بسقوط إعادته وصحّة ما أتى به.

۴۴۳۱