لا يقال : الاضطرار إلى بعض الأطراف ليس إلّا كفقد بعضها ؛ فكما لا إشكال

__________________

ـ للاضطرار إلى شرب أحدهما المعيّن.

الخامسة والسادسة والسابعة : أن يحدث الاضطرار إلى غير المعيّن قبل العلم الإجماليّ أو بعده أو مقارنا له. وأمثلتها واضحة.

هذه رءوس الصور المتصوّرة في المقام. ويتّضح حكم غيرها بعد بيان حكم هذه الصور.

ذهب المصنّف قدس‌سره إلى أنّ الاضطرار مانع عن تنجيز العلم الإجمالي في جميع الصور ، فلا يجب في الصور كلّها الاجتناب عن الأطراف الأخر.

نعم ، كلماته في حكم الصورة الثالثة مضطربة ، فذهب في متن الكتاب وفوائد الاصول : ٩٥ إلى عدم تنجيز العلم الإجماليّ في هذه الصورة أيضا. وعدل عنه في هامش الكتاب ـ كما مرّ ـ والتزم ببقاء التنجيز في الطرف غير المضطرّ إليه.

واستدلّ على مدّعاه في متن الكتاب بأنّ تنجّز التكليف يدور مدار المنجّز حدوثا وبقاء ، والمفروض أنّ المنجّز هو العلم الإجماليّ بالتكليف الفعليّ ، وهو ينتفي بطروء الاضطرار ، لأنّ الاضطرار من حدود التكليف المعلوم بين الأطراف ، بمعنى أنّه مشروط من أوّل الأمر بعدم طروء الاضطرار إلى متعلّقه ، فلو عرض الاضطرار إلى بعض أطرافه ينتفي العلم بالتكليف الفعليّ المنجّز ، وإذا انتفى العلم به ينتفي التكليف المنجّز ، ولا مقتضي لوجوب الاجتناب عن سائر الأطراف.

وأمّا في الهامش فقرّب التنجيز في الطرف غير المضطرّ إليه بأنّ العلم الإجماليّ تعلّق بالتكليف المردّد بين المحدود والمطلق ، لأنّ التكليف في أحد الطرفين ـ وهو المضطرّ إليه ـ محدود بطروء الاضطرار ، وهو في الطرف الآخر ـ على تقدير ثبوته ـ مطلق ومستمرّ ، فيكون المقام من قبيل تعلّق العلم الإجماليّ بالتكليف المردّد بين القصير والطويل ، نظير ما إذا علم بوجوب الجلوس في هذا المسجد ساعة أو في ذلك المسجد ساعتين. وحينئذ يكون الاضطرار إلى طرف معيّن موجبا لانتهاء التكليف في ذلك الطرف بانتهاء أمده لأجل الاضطرار ، وهذا لا يوجب انتهائه في الطرف الآخر.

واختار الشيخ الأعظم الأنصاريّ تنجيز العلم الإجماليّ في هذه الصورة والصور الخامسة والسادسة والسابعة. وتبعه المحقّقون : النائينيّ والعراقيّ والحائريّ والخمينيّ والخوئيّ. فراجع فرائد الاصول ٢ : ٤٢٥ ، فوائد الاصول ٤ : ٩٤ ـ ١٠٢ ، مقالات الاصول ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٠٩ ـ ٢١٠ ، الهداية في الاصول ٣ : ٣٩٧ و ٤٠١ ، درر الفوائد ٢ : ١١٩.

واتّفقوا أيضا على عدم التنجيز في الصورة الرابعة. ولعلّه لم يذكره المصنّف قدس‌سره في المقام. فراجع فوائد الاصول ٤ : ٩٥ ، نهاية الأفكار ٣ : ٣٥٠ ، أجود التقريرات ٢ : ٢٦٦ ، أنوار الهداية ٢ : ٢٠٩ ، مصباح الاصول ٢ : ٣٦٣ ، وغيرها من المطوّلات.

۴۴۳۱