قلت : دلالتهما (١) على العموم والاستيعاب ظاهرا ممّا لا ينكر ، لكنّه من الواضح أنّ العموم المستفاد منهما كذلك (٢) إنّما هو بحسب ما يراد من متعلّقهما ، فيختلف سعة وضيقا ؛ فلا يكاد يدلّ على استيعاب جميع الأفراد إلّا إذا أريد منه الطبيعة مطلقة وبلا قيد (٣) ؛ ولا يكاد يستظهر ذلك (٤) ـ مع عدم دلالته عليه (٥) بالخصوص ـ إلّا بالإطلاق وقرينة الحكمة ، بحيث لو لم يكن هناك قرينتها ـ بأن يكون الإطلاق في غير مقام البيان ـ لم يكد يستفاد استيعاب أفراد الطبيعة. وذلك لا ينافي دلالتهما على استيعاب أفراد ما يراد من المتعلّق ، إذ الفرض عدم الدلالة على أنّه المقيّد أو المطلق.

اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ في دلالتهما على الاستيعاب كفاية ودلالة على أنّ المراد من المتعلّق هو المطلق ـ كما ربما يدّعى (٦) ذلك في مثل : «كلّ رجل» ـ وأنّ مثل لفظة «كلّ» تدلّ على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله وقرينة الحكمة ، بل يكفي إرادة ما هو معناه ـ من الطبيعة المهملة ولا بشرط ـ في دلالته على الاستيعاب ، وإن كان لا يلزم مجاز أصلا لو اريد منه خاصّ بالقرينة ، لا فيه (٧) ، لدلالته على استيعاب أفراد ما يراد من المدخول ، ولا فيه (٨) إذا كان بنحو تعدّد الدالّ والمدلول ، لعدم استعماله إلّا فيما وضع له ، والخصوصيّة مستفادة من دالّ آخر ، فتدبّر.

__________________

(١) أي : دلالة النهي والنفي.

(٢) أي : على نحو الاستيعاب.

(٣) وأورد عليه المحقّق الأصفهانيّ بما لفظه : «لا يخفى عليك : أنّ الإرادة لمجرّد إفادة السلب ، والسلب بما هو لا يدلّ على العموم والاستيعاب». نهاية الدراية ١ : ٥٦٨.

(٤) أي : إطلاق الطبيعة.

(٥) أي : عدم دلالة المتعلّق على الإطلاق. والأولى أن يقول : «مع عدم دلالة عليه بالخصوص».

(٦) راجع الفصول الغرويّة : ١٦١ ، والقوانين ١ : ١٩٧.

(٧) أي : لا في مثل لفظ «كلّ» وغيره من أداة العموم.

(٨) أي : ولا في المدخول.

۴۱۹۱