وتأمّل (١).

__________________

ـ السيرة المستقرّة على العمل بخبر الثقة لانقطعت السيرة في زمان الأئمّة عليهم‌السلام لا محالة.

الثاني : مع الغضّ عن ذلك ، إنّ الظاهر من لسان الآيات كونها إرشادا إلى ما يحكم به العقل من تحصيل المؤمّن من العقاب المحتمل والانتهاء إلى ما يعلم به الأمن. فلا يكون مفادها حكما مولويّا لتكون رادعة عن السيرة.

الثالث : لو أغمضنا عن ذلك ، إنّ السيرة حاكمة على الآيات الناهية ، فيكون حال خبر الثقة حال الظواهر من حيث قيام السيرة على العمل به ، فكما أنّ السيرة حاكمة على الآيات بالنسبة إلى الظواهر كذلك حاكمة عليها بالنسبة إلى خبر الثقة. مصباح الاصول ٢ : ١٩٩ ـ ٢٠٠.

وأمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فهو ـ بعد ما ناقش في ما أفاده المصنّف رحمه‌الله في نفي الرادعيّة من لزوم الدور ، وناقش فيما أفاده المحقّق النائينيّ من حديث حكومة السيرة على الآيات الناهية ـ دفع صلاحيّة الآيات للرادعيّة عن السيرة بأنّ الآيات لمّا كانت من قبيل القضايا الحقيقيّة تشمل كلّ ما وجد في الخارج ويكون مصداقا لغير العلم. وبما أنّ دلالتها غير علميّة ، بل ظنيّة ، فتشمل نفسها ، فيجب عدم جواز اتّباعها بحكم نفسها ، ويلزم من التمسّك بها عدم جواز التمسّك بها ، وهو باطل بالضرورة. أنوار الهداية ١ : ٢٧٥.

والحاصل : أنّهم أطبقوا على عدم صلاحيّة الآيات للرادعيّة عن السيرة ، وإن اختلفوا في تقريره. ولا يخلو بعض ما أفادوه من المناقشة ، يطول شرحها ولا يهمّ التعرّض لها الآن ، وفيما ذكرناه الكفاية.

(١) قولنا : «فافهم وتأمّل» إشارة إلى كون خبر الثقة متّبعا ولو قيل بسقوط كلّ من السيرة والإطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الأمر بين ردعها به وتقييده بها ، وذلك لأجل استصحاب حجّيّته الثابتة قبل نزول الآيتين.

فإن قلت : لا مجال لاحتمال التقييد بها ، فإنّ دليل اعتبارها مغيّا بعدم الردع به عنها ومعه لا تكون صالحة لتقييد الإطلاق مع صلاحيّته للردع عنها ، كما لا يخفى.

قلت : الدليل ليس إلّا إمضاء الشارع لها ورضاه بها المستكشف بعدم الردع عنها في زمان مع إمكانه وهو غير مغيّا. نعم ، يمكن أن يكون له واقعا وفي علمه تعالى أمد خاصّ ، كحكمه الابتدائيّ ، حيث إنّه ربما يكون له أمد فينسخ ، فالردع في الحكم الإمضائيّ ليس إلّا كالنسخ في الابتدائيّ ، وذلك غير كونه بحسب الدليل مغيّا ، كما لا يخفى.

وبالجملة : ليس حال السيرة مع الآيات الناهية إلّا كحال الخاصّ المقدّم والعامّ المؤخّر في دوران الأمر بين التخصيص بالخاصّ أو النسخ بالعامّ ، ففيهما يدور الأمر أيضا بين التخصيص بالسيرة أو الردع بالآيات ، فافهم. منه [أعلى الله مقامه].

۴۱۹۱