والظنّ به (١) ـ لو كان ـ فالكلام الآن في إمكان التعبّد بها (٢) وامتناعه ، فما ظنّك به (٣)؟ لكن دليل (٤) وقوع التعبّد بها من طرق إثبات إمكانه ، حيث يستكشف به عدم ترتّب محال ـ من تال باطل ممتنع (٥) مطلقا أو على الحكيم تعالى ـ ، فلا حاجة معه في دعوى الوقوع إلى إثبات الإمكان ، وبدونه لا فائدة في إثباته (٦) ، كما هو واضح.

وقد انقدح بذلك ما في دعوى شيخنا العلّامة ـ أعلى الله مقامه ـ (٧) من كون الإمكان عند العقلاء مع احتمال الامتناع أصلا.

والإمكان في كلام الشيخ الرئيس : «كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه (٨) واضح البرهان» (٩) ، بمعنى الاحتمال المقابل للقطع

__________________

(١) أي : الظنّ باعتبار السيرة.

(٢) أي : بالأمارة الظنّيّة. وفي بعض النسخ : «التعبّد به» ، وعليه يرجع الضمير إلى الظنّ.

(٣) وبتعبير أوضح : أنّه على تقدير تسليم ثبوت السيرة نمنع حجّيتها ، لعدم قيام دليل قطعيّ عليها. وأمّا الظنّ بالحجّيّة ـ لو كان ـ لا يفيد إلّا بعد إثبات إمكان التعبّد بالظنّ ، وهذا أوّل الكلام.

(٤) شروع في بيان الوجه الثالث. وحاصله : أنّه لا فائدة في البحث عن إمكان التعبّد وإثباته ببناء العقلاء ، إذ مع قيام الدليل على وقوع التعبّد بالأمارة لا نحتاج إلى البحث عن إمكان التعبّد بها ، فإنّ وقوعه أدلّ دليل على الإمكان ، ومع عدم الدليل على الوقوع لا فائدة في البحث عن الإمكان.

(٥) وفي بعض النسخ : «فيمتنع».

(٦) أي : لا فائدة في إثبات الإمكان إذا لم يقم دليل على الوقوع ، لعدم ترتّب ثمرة على مجرّد إمكانه.

وقال السيّد المحقّق الخوئيّ : «ولا يرد عليه شيء من هذه الإشكالات. وذلك لأنّ ما ذكر صاحب الكفاية مبنيّ على أن يكون مراد الشيخ هو البناء على الإمكان مطلقا. ولكن الظاهر أنّ مراده هو البناء على الإمكان عند قيام دليل معتبر على الوقوع ، كما إذا دلّ ظاهر كلام المولى على حجّيّة الظنّ. وحينئذ تترتّب الثمرة على البحث عن الإمكان والاستحالة ، إذ على تقدير ثبوت الإمكان لا بدّ من الأخذ بظاهر كلام المولى والعمل بالظنّ ، وعلى تقدير ثبوت الاستحالة لا مناص من رفع اليد عن الظهور للقرينة القطعيّة العقليّة». مصباح الاصول ١ : ٩٠ ـ ٩١.

(٧) فرائد الاصول ١ : ١٠٦.

(٨) أي : لم يمنعك عنه.

(٩) قال في آخر النمط العاشر من الإشارات والتنبيهات : «بل عليك الاعتصام بحبل التوقّف وإن أزعجك استنكار ما يوعاه سمعك ما لم تتبرهن استحالته إليك. فالصواب أن تسرح ـ

۴۱۹۱