وأمّا فيها (١) : فلا ، مع الالتفات إلى الحرمة ، أو بدونه تقصيرا (٢) ، فإنّه (٣) وإن كان متمكّنا مع عدم الالتفات من قصد القربة وقد قصدها ، إلّا أنّه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرّب به أصلا ، فلا يقع مقرّبا ، وبدونه (٤) لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة ، كما لا يخفى.

وأمّا إذا لم يلتفت إليها قصورا وقد قصد القربة بإتيانه : فالأمر يسقط ، لقصد التقرّب بما يصلح أن يتقرّب به (٥) ، لاشتماله على المصلحة ، مع صدوره حسنا (٦) ، لأجل الجهل بحرمته قصورا ، فيحصل به الغرض من الأمر ، فيسقط به قطعا وإن لم يكن امتثالا له ، بناء على تبعيّة الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعا ، لا لما هو المؤثّر منها فعلا للحسن أو القبح ، لكونهما تابعين لما علم منهما (٧) ، كما حقّق في محلّه (٨).

مع أنّه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك (٩) ، فإنّ العقل لا يرى تفاوتا بينه(١٠) وبين سائر الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها ، وإن لم تعمّه بما هي مأمور بها (١١) ، لكنّه لوجود المانع ، لا لعدم المقتضي.

ومن هنا انقدح : أنّه (١٢) يجزئ ولو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحّة العبادة وعدم كفاية الإتيان بمجرّد المحبوبيّة ، كما يكون كذلك في ضدّ الواجب

__________________

(١) أي : في العبادات.

(٢) فلا يعذر في جهله ، فإنّ الجهل عن تقصير كالعلم.

(٣) أي : غير الملتفت.

(٤) أي : بدون التقرّب.

(٥) هكذا في النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «لأن يتقرّب به».

(٦) أي : مع صدوره بعنوان حسن ، وهو قصد التقرّب.

(٧) أي من المصالح والمفاسد.

(٨) يأتي مزيد توضيح في مبحث التجرّي ومبحث إمكان التعبّد بالأمارة غير العلميّة.

(٩) أي : مع كون الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعيّة.

(١٠) أي : بين هذا الفرد من المجمع.

(١١) أي : وإن لم تعمّ الطبيعة بما هي مأمور بها ذلك المجمع.

(١٢) أي : المجمع.

۴۱۹۱