ولا مثله ، للزوم اجتماع المثلين (١) ؛

__________________

ـ الثاني : ما ذكره المحقّق النائينيّ في مبحث أخذ قصد الأمر في متعلّق الأمر. وحاصله : أنّ موضوع الحكم يؤخذ بنحو فرض الوجود ، فيثبت الحكم عند فرض وجود الموضوع ، سواء كان الموضوع بسيطا أو مركّبا. فإذا فرض كون الموضوع مركّبا من القطع والحكم يؤخذ القطع بنحو فرض الوجود كما يؤخذ الحكم كذلك ، فيلزم فرض ثبوت الحكم عند فرض وجود الحكم ، وهذا مستلزم لفرض ثبوت الحكم قبل ثبوته ، وهو ملاك الدور المحال. فوائد الاصول ١ : ١٤٨ ـ ١٤٩.

ودفعه المحقّق الأصفهانيّ بوجهين :

أحدهما : أنّ ما تعلّق به العلم هو الوجود الذهنيّ للحكم ، فيكون مفروض الوجود هو الحكم الموجود بالوجود الذهنيّ ، وأمّا الحكم الّذي يكون معلّقا على العلم بالحكم الموجود ذهنا فهو الوجود الخارجيّ للحكم ، فلا يلزم فرض ثبوت الشيء قبل ثبوته.

وثانيهما : أنّ فرض ثبوت الشيء بالوجود الفرضيّ غير ثبوته بالوجود التحقيقيّ ، فلا مانع من توقّف ثبوته التحقيقيّ على ثبوته الفرضيّ. نهاية الدراية ٢ : ٧٦.

ولا يخفى : أنّ توقّف الفرد العالي من الوجود ـ وهو الوجود الخارجيّ ـ على الفرد الداني منه ـ وهو الوجود الذهنيّ ـ غير معقول ، بل صدور هذا الكلام من المحقّق الحكيم الأصفهانيّ عجيب.

وهذا المحقّق ـ بعد ما دفع الدور بكلا التقريبين ـ استدلّ على امتناع أخذ العلم في موضوع الحكم نفسه بوجه آخر. وملخّصه : أنّ الحكم قد يعلّق على القطع بذلك الحكم بنحو القضيّة الخارجيّة ، وقد يعلّق عليه بنحو القضيّة الحقيقيّة. فعلى الأوّل لا خلف ، ولكن يلزم اللغو ، لأنّ الحكم إنّما يجعل لأجل جعل الداعي والمحرّك ، فلو فرض علم المكلّف بالحكم لا يكون جعل الحكم داعيا ولا محرّكا ، بل يكون جعله لغوا. وعلى الثاني يلزم الخلف ، إذ يستحيل تحقّق العلم بالحكم ـ مثلا العلم بوجوب الصلاة ـ بوصول قوله : «إذا علمت بوجوب الصلاة يجب عليك الصلاة» ، لأنّ المفروض أنّ وجوبها متوقّف على العلم بوجوبها ، وهو متوقّف على وجوبها ، وهو دور ، وما يبتني على أمر محال محال. نهاية الدراية ٢ : ٧٧.

وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى امتناع أخذ القطع بالحكم في موضوع نفس الحكم إذا كان القطع بعض الموضوع ، وإلى جوازه إذا كان تمام الموضوع. راجع هامش أنوار الهداية ١ : ١٣١.

(١) أي : ولا يمكن أن يؤخذ القطع بحكم في موضوع مثل هذا الحكم ، كما إذا قال المولى : «إذا علمت بوجوب الصلاة تجب عليك الصلاة بوجوب آخر».

وخالفه السيّدان العلمان : الخمينيّ والخوئيّ. ـ

۴۱۹۱