الخارج عن ذاك المقام في البين ، فإنّه غير مؤثّر في رفع الإخلال بالغرض لو كان بصدد البيان ، كما هو الفرض (١).

فإنّه فيما تحقّقت لو لم يرد الشياع لأخلّ بغرضه (٢) ، حيث إنّه لم يبيّنه (٣) مع أنّه بصدده. وبدونها لا يكاد يكون هناك إخلال به ، حيث لم يكن مع انتفاء الأولى إلّا في مقام الإهمال أو الإجمال ، ومع انتفاء الثانية كان البيان بالقرينة ، ومع انتفاء الثالثة لا إخلال بالغرض لو كان المتيقّن تمام مراده ، فإنّ الفرض أنّه بصدد بيان

__________________

(١) والحاصل : أنّ المصنّف رحمه‌الله فصّل بين القدر المتيقّن بحسب مقام التخاطب وبين القدر المتيقّن بحسب الخارج ، فالأوّل يمنع عن التمسّك بالإطلاق ، والثاني لا يمنع عنه.

والسرّ في ذلك : أنّ القدر المتيقّن بحسب مقام التخاطب هو أن يفهم السامع من اللفظ الصادر من المتكلّم أنّ بعض أفراد الموضوع متيقّن الإرادة بالنسبة إلى سائر أفراده ، كأن يقع ذلك البعض مورد السؤال. ومعلوم أنّ هذا التيقّن يمنع عن إحراز إرادة الإطلاق من المطلق ، لأنّ التيقّن صالح لأن يكون بيانا لإرادة ذلك المتيقّن دون غيره ، بل لو أراد المتكلّم غير المتيقّن ولم ينصب قرينة كان ذلك مخلّا بغرضه. بخلاف القدر المتيقّن الخارجيّ ، وهو ما يفهم السامع من القرائن الخارجيّة غير المستندة إلى اللفظ أنّ بعض أفراد الموضوع متيقّن الإرادة بالنسبة إلى سائر أفراده ، كأن يفهم من مناسبة الحكم والموضوع. ومن الواضح أنّ مثل هذا المتيقّن لا يمنع عن التمسّك بالإطلاق ، ضرورة أنّه لا يخلو مطلق في الخارج عن ذلك إلّا نادرا.

وخالفه المحقّق النائينيّ ، فأنكر كونه من مقدّمات الحكمة بدعوى أنّ حال القدر المتيقّن في مقام التخاطب حال القدر المتيقّن الخارجيّ ، فإنّ من أوضح مصاديق القدر المتيقّن في مقام التخاطب هو ورود المطلق في مورد السؤال ، حيث يكون المورد هو المتيقّن المراد من اللفظ المطلق ، مع أنّ المصنّف رحمه‌الله لا يلتزم باختصاص المطلق بالمورد ، بل ذهب ـ تبعا لغيره ـ إلى أنّه يصحّ التمسّك بإطلاقه. فوائد الاصول ٢ : ٥٧٥ ـ ٥٧٨.

وخالفه أيضا السيّد الإمام الخمينيّ بدعوى أنّ القدر المتيقّن إنّما يكون في مورد يتردّد الأمر بين الأقلّ والأكثر ، مع أنّ الأمر في باب الإطلاق دائر بين أن تكون الطبيعة تمام الموضوع أو المقيّد تمامه. مناهج الوصول ٢ : ٣٢٧.

(٢) أي : فإنّ المتكلّم لو لم يرد الشياع مع تحقّق مقدّمات الحكمة لأخلّ بغرضه.

(٣) ظاهر النسخ : «لم ينبّه». والصحيح إمّا ما أثبتناه ـ كما هو المتراءى من بعض النسخ ـ ، وإمّا أن يقول : «لم ينبّه عليه».

۴۱۹۱