وتحقيق المقام : أنّه إذا ورد العامّ وما له المفهوم في كلام أو كلامين ـ ولكن على نحو يصلح أن يكون (١) كلّ منهما قرينة متّصلة للتصرّف في الآخر ـ ودار الأمر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم (٢) ، فالدلالة على كلّ منهما إن كانت بالإطلاق بمعونة مقدّمات الحكمة أو بالوضع ، فلا يكون هناك عموم ولا مفهوم ، لعدم تماميّة مقدّمات الحكمة في واحد منهما ، لأجل المزاحمة ، كما في مزاحمة ظهور أحدهما وضعا لظهور الآخر كذلك ؛ فلا بدّ من العمل بالاصول العمليّة فيما

__________________

ـ شَيْئاً النجم / ٢٨ ، فإنّه دالّ بعمومه على عدم اعتبار كلّ ظنّ ، حتّى الظنّ الحاصل من خبر العادل. ووردت آية اخرى هي : ﴿إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا الحجرات / ٦ ، وهي تدلّ بمفهوم الشرط على اعتبار الظنّ الحاصل من خبر غير الفاسق. فهل يجوز تخصيص ذلك العامّ بهذا المفهوم أو لا؟

فيه أقوال :

الأوّل : أنّه لا يجوز. وهذا منسوب إلى أبي العبّاس بن سريج. راجع إرشاد الفحول : ١٦٠ ، واللمع : ٣٤.

الثاني : أنّه لا بدّ من تخصيصه بهذا المفهوم. وهذا ما ذهب إليه كثير من العامّة ، بل ادّعى الآمديّ عدم الخلاف فيه. وذهب إليه أيضا كثير من الإماميّة كصاحبي المعالم والفصول. راجع الإحكام ٢ : ٣٢٨ ، المعالم : ١٤٠ ، الفصول الغرويّة : ٢١٢.

الثالث : التفصيل بين ما إذا كان العموم آبيا عن التخصيص فلا يخصّصه المفهوم ، وما إذا كان غير آب عنه فيخصّصه. وهذا ما يستفاد من ظاهر كلام الشيخ الأنصاريّ على ما في مطارح الأنظار : ٢٠٩ ـ ٢١٠.

الرابع : أنّه لا يقدّم أحدهما على الآخر ويبقى الكلام مجملا لو لم يكن في البين أظهر. وهذا ما ذهب إليه المصنّف رحمه‌الله في المقام.

الخامس : إذا كان المفهوم أخصّ مطلقا من العامّ فيقدّم عليه ، وإذا كان بينهما العموم من وجه فيعامل معهما معاملة العموم من وجه ، فربّما يقدّم العامّ وربّما يقدّم المفهوم. وهذا ما أفاده المحقّق النائينيّ في فوائد الاصول ٢ : ٥٥٩ ـ ٥٦٠.

السادس : إن كانت دلالة المفهوم بالوضع يقع التعارض بينهما ، وإلّا فيقدّم العامّ إن كان في كلام واحد ، وإلّا يقع التعارض بينهما. وهذا ما اختاره السيّد الإمام الخمينيّ في مناهج الوصول ٢ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣.

(١) وفي بعض النسخ : «على نحو يكون».

(٢) والأولى أن يقول : «وإلغاء المفهوم».

۴۱۹۱