ولا إشكال في وجوده بين الأفراد الصحيحة ، وإمكان الإشارة إليه بخواصّه وآثاره (١) ، فإنّ الاشتراك في الأثر كاشف عن الاشتراك في جامع واحد يؤثّر الكلّ فيه (٢) بذاك الجامع (٣) ، فيصحّ تصوير المسمّى بلفظ الصلاة ـ مثلا ـ ب «الناهية عن الفحشاء» و «ما هو معراج المؤمن» ونحوهما (٤).

__________________

ـ يشترك فيه جميع الأفراد ، بل يمكن الالتزام بوضع لفظ العبادة ـ كالصلاة ـ في المرتبة العليا من مراتبها بالخصوص ، وهي المرتبة الواجدة لتمام الأجزاء والشرائط ـ أي الصلاة المختارة ـ. فالموضوع له على قول الصحيحيّ أو الأعمىّ هو المرتبة العليا. ويستعمل اللفظ في غيرها على كلا القولين ـ من الادّعاء والتنزيل ـ ، غاية الأمر أنّ الصحيحيّ يدّعي أنّ استعمال لفظ الصّلاة في بقيّة المراتب الصحيحة من باب الادّعاء وتنزيل الفاقد منزلة الواجد أو من باب الاشتراك في الأثر ، والأعمّي يدّعي أنّ استعماله في بقيّة مراتب الصّلاة من باب العناية والتنزيل أو الاشتراك في الأثر. أجود التقريرات ١ : ٣٦.

ولا يخفى : أنّ المرتبة العليا من كلّ عبادة هي العبادة المأمور بها ، وهي تختلف باختلاف الأصناف والأحوال ، فلا بدّ من تصوير الجامع الّذي يكون اللفظ موضوعا بإزائه.

(١) هكذا في النسخ. والصحيح أن يقول : «بخواصّها وآثارها» فإنّ الضميرين يرجعان إلى الأفراد الصحيحة. والأولى أن يقول : «وإمكان الإشارة إليه ـ أي إلى الجامع ـ بخواصّها وآثارها المشتركة».

(٢) أي : في ذلك الأثر.

(٣) وهو لقاعدة فلسفيّة ، هي : «الواحد لا يصدر إلّا من الواحد».

(٤) نحو : «ما هو قربان كلّ تقيّ» و «ما هو عمود الدين».

وقد خالفه الأعلام الثلاثة :

أمّا المحقّق الاصفهانيّ فخالفه وأورد عليه بوجوه :

الأوّل : أنّه لا يتصوّر وجود جامع ذاتيّ مقوليّ لأفراد الصّلاة ، لأنّها مؤلّفة من مقولات متباينة لا تندرج تحت مقولة واحدة ، فإنّ المقولات أجناس عالية لا جنس فوقها.

الثاني : أنّه لو فرض وجود الجامع البسيط المقوليّ المتّحد مع الأفراد الخارجيّة يلزم منه اتّحاد البسيط مع المركّب ، وهو ممتنع.

الثالث : أنّ النهي عن الفحشاء أثر واحد عنوانا لا حقيقة ، لاختلاف أنحائه حقيقة باختلاف مراتب أنحاء الفحشاء ، فهو لا يكشف عن وحدة المؤثّر حقيقة.

الرابع : أنّه لو كان الجامع المقوليّ الذاتيّ معقولا لم يكن مختصّا بالصحيحيّ ، بل يعمّ الأعميّ ، لأنّ مراتب الصحيحة والفاسدة متداخلة حيث أنّ ذات الأجزاء والشرائط قابلة للصحّة والفساد بلحاظ اختلاف حالها. ـ

۲۹۶۱