في هذه الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعمّ ، بمعنى أنّ أيّهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغويّة ابتداء وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته ، كي ينزّل كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغويّة وعدم قرينة اخرى معيّنة للآخر.

وأنت خبير بأنّه لا يكاد يصحّ هذا إلّا إذا علم أنّ العلاقة إنّما اعتبرت كذلك ، وأنّ بناء الشارع في محاوراته استقرّ ـ عند عدم نصب قرينة اخرى (١) ـ على إرادته (٢) ، بحيث كان هذا (٣) قرينة عليه (٤) من غير حاجة إلى قرينة معيّنة اخرى ، وأنّى لهم بإثبات ذلك (٥).

وقد انقدح بما ذكرنا تصوير النزاع على ما نسب إلى الباقلانيّ (٦) ، وذلك بأن يكون النزاع في أنّ قضيّة القرينة المضبوطة (٧) الّتي لا يتعدّى عنها إلّا بالاخرى الدالّة على أجزاء المأمور به وشرائطه هي تمام الأجزاء والشرائط أو هما في الجملة ، فلا تغفل.

__________________

ـ مجازيّا. انّما الكلام في أنّ العلاقة هل اعتبرت ابتداء بين الموضوع له وبين خصوص الصحيحة من المعاني الشرعيّة ثمّ استعملت فيما يعمّ الفاسدة بالتبع والمناسبة فيكون من قبيل سبك مجاز في مجاز أم اعتبرت ابتداء بين الموضوع له وبين ما يعمّ الفاسدة؟ فعلى الأوّل تحمل الألفاظ على خصوص الصحيحة فيما إذا لم تقم قرينة على تعيين أحد المعنيين ـ بعد قيام قرينة صارفة عن الموضوع له ـ ، وعلى الثاني تحمل على الأعمّ.

(١) غير القرينة الصارفة عن المعنى اللغويّ الّتي لا بدّ منها.

(٢) أي : إرادة خصوص المعنى الّذي اعتبرت العلاقة ابتداء بينه وبين المعنى اللغويّ.

(٣) أي : هذا البناء.

(٤) هكذا في جميع النسخ. والصحيح أن يقول : «وعليها» ، فإنّ الضمير يرجع إلى إرادة أحد المعنيين بالخصوص.

(٥) وقد ذكر المحقّق النائينيّ وجها آخر في التصوير لا يتوقّف على اثبات ما ذكره المصنّف.

فراجع فوائد الاصول ١ : ٥٩ ، أجود التقريرات ١ : ٣٤.

(٦) وحاصله : أنّ ألفاظ العبادات استعملت في معانيها اللغويّة ، وأمّا المعاني الشرعيّة فاريدت بالقرائن من قبيل تعدّد الدالّ والمدلول. شرح العضديّ ١ : ٥١ ـ ٥٢.

(٧) فإنّ النزاع ـ حينئذ ـ يقع في القرائن ، لا في نفس الألفاظ.

۲۹۶۱