مجعولة ، ولا أثر آخر مجعول مترتّب عليه (١) ، ولو كان لم يكن بمهمّ هاهنا ـ مدفوع بأنّه وإن كان غير مجعول بالذات ، لا بالجعل البسيط الّذي هو مفاد كان التامّة ، ولا بالجعل التأليفيّ الّذي هو مفاد كان الناقصة ، إلّا أنّه مجعول بالعرض وبتبع جعل وجوب ذي المقدّمة ، وهو كاف في جريان الأصل (٢).

ولزوم التفكيك بين الوجوبين مع الشكّ لا محالة ـ لأصالة عدم وجوب المقدّمة مع وجوب ذي المقدّمة (٣) ـ لا ينافي الملازمة بين الواقعيّين ، وإنّما ينافي الملازمة بين الفعليّين (٤). نعم ، لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة حتّى في المرتبة الفعليّة لما صحّ التمسّك بالأصل (٥) ، كما لا يخفى.

__________________

(١) توضيحه : أنّه يعتبر في الاستصحاب أن يكون مجراه مجعولا شرعيّا ـ كالوجوب والحرمة والملكيّة ـ أو موضوعا لأثر شرعيّ ـ كالعدالة ـ ، ووجوب المقدّمة ليس أثرا شرعيّا ولا موضوعا له ، بل هو من لوازم وجوب ذيها ومن قبيل لوازم الماهيّة الّتي امور انتزاعيّة تنتزع من ذات الماهيّة في أيّ عالم وجدت ، من الذهن أو الخارج ، فلا يجرى الاستصحاب فيه.

(٢) ظاهر الجواب أنّ المصنّف سلّم كون وجوب المقدّمة من قبيل لوازم الماهيّة.

وأمّا المحقّق الاصفهانيّ فأنكر كونه من قبيل لوازم الماهيّة ، وادّعى أنّ وجوب المقدّمة من لوازم الوجود ، لا من لوازم الماهيّة ، إذ ليست إرادة المقدّمة بالإضافة إلى إرادة ذيها كالزوجيّة بالإضافة إلى الأربعة ، فإنّ الزوجيّة من المعاني المنتزعة من الماهيّة الموجودة ذهنا أو خارجا ، فلا محالة لا وجود استقلاليّ لها ، بل وجودها بوجود منشأ انتزاعها. بخلاف إرادة المقدّمة فإنّها ليست منتزعة من إرادة ذيها ، بل لها وجود غير إرادة ذيها ، ومع تجدّد الوجود يجب تعدّد الجعل. نهاية الدراية ١ : ٤١٥.

(٣) هذا إشكال آخر على جريان استصحاب عدم وجوب المقدّمة. وحاصله : أنّ جريان أصالة عدم وجوب المقدّمة مع وجوب ذي المقدّمة يستلزم التفكيك بين وجوب المقدّمة ووجوب ذي المقدّمة. والمفروض أنّهما متلازمان ، لأنّ الملازمة بينهما ثابتة ، ولا يجدي الأصل في نفي الملازمة. فالحكم بعدم وجوب المقدّمة يستلزم التفكيك بين المتلازمين ، وهو محال.

(٤) وحاصل الجواب : أنّ الدعوى إن كانت هي الملازمة بين الوجوبين في مطلق مراتبهما ـ أي : ولو كانا فعليّين ـ فالإشكال في محلّه. وأمّا إن كانت هي الملازمة بين الحكمين الإنشائيّين في مرتبة الواقع ، لا في جميع المراتب ، فلا يرد الإشكال ، لأنّ الأصل لا نظر له إلى الحكم الإنشائيّ في مرتبة الواقع.

(٥) وفي بعض النسخ : «لصحّ التمسّك بذلك في إثبات بطلانها» أي : لصحّ التمسّك بالتلازم في ـ

۲۹۶۱