له كحركة نفس العضلات ، أو ممّا له مئونة ومقدّمات قليلة أو كثيرة. فحركة العضلات تكون أعمّ من أن تكون بنفسها مقصودة أو مقدّمة له ، والجامع أن يكون نحو المقصود (١).

بل مرادهم من هذا الوصف في تعريف الإرادة بيان مرتبة الشوق الّذي يكون هو الإرادة ، وإن لم يكن هناك فعلا تحريك ، لكون المراد وما اشتاق إليه كمال الاشتياق أمرا استقباليّا غير محتاج إلى تهيئة مئونة أو تمهيد مقدّمة ، ضرورة أنّ شوقه إليه ربما يكون أشدّ من الشوق المحرّك فعلا نحو أمر حاليّ أو استقباليّ محتاج إلى ذلك (٢) ، هذا.

__________________

(١) هذا هو الوجه الأوّل من الوجوه الّتي ذكرها المصنّف في التفصّي عن إشكال المحقّق النهاونديّ.

وحاصله : منع الكبرى في القياس الأوّل ، فيقال : انفكاك المراد عن الإرادة التكوينيّة أمر ممكن ، فتعلّقها بالأمر الاستقباليّ أيضا ممكن. وذلك لأنّ المراد قد يكون ممّا يحتاج إلى مقدّمات كثيرة ، ومعلوم أنّه لم تتعلّق بفعلها إرادة استقلاليّة ، بل يفعلها تبعا لإرادة المراد ـ وهو ذو المقدّمة بالنسبة إلى تلك المقدّمات ـ ، فتنفكّ الإرادة ـ بتوسيط فعل المقدّمات ـ عن المراد.

وناقش فيه المحقّق الاصفهانيّ بما حاصله : أنّ الشوق إلى المقدّمات بما أنّها مقدّمات وإن كان تبعا للشوق المتعلّق بذيها ، إلّا أنّ الشوق المتعلّق بذيها لم يبلغ حدّ الإرادة ، لعدم وصوله حدّ التحريك ، فلم تتحقّق إرادة ذي المقدّمة حتّى يستشهد به على انفكاكها عن المراد. بخلاف الشوق إلى المقدّمة ، فإنّه بلغ حدّ الإرادة ، لوصوله إلى حدّ التحريك. فالتبعيّة في أصل تعلّق الشوق ، لا في وصوله إلى حدّ الإرادة. نهاية الدراية ١ : ٣٤٧.

(٢) وهذا هو الوجه الثاني من وجوه التفصّي عن الإشكال. وحاصله : منع الكبرى المذكورة ببيان آخر. وهو أنّ المراد من تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد بيان مرتبة خاصّة من الشوق الّتي يكون من شأنها تحريك العضلات نحو المراد ، غاية الأمر إن كان المراد أمرا حاليّا فيوجب التحريك الفعليّ نحوه ؛ وإن كان أمرا استقباليّا محتاجا إلى مقدّمات خارجيّة فيوجب أيضا التحريك الفعليّ نحوه ؛ وإن كان أمرا استقباليّا غير محتاج إلى المقدّمات فلا يوجب التحريك الفعليّ نحوه ، بل يستتبع التحريك الشأنيّ ، فيتعلّق الشوق فعلا بأمر استقباليّ ، فإذا لا مانع من تعلّق الإرادة بأمر متأخّر وانفكاكها عن المراد.

وناقش فيه أيضا المحقّق الاصفهانيّ بأنّ المراد من تعريف الإرادة بالشوق المؤكّد ليس الشوق بأيّة مرتبة ، بل هو الشوق البالغ حدّ النصاب بحيث صارت القوّة الباعثة باعثة بالفعل. ولذا قالوا : «إنّ الإرادة هي الجزء الأخير من العلّة التامّة». وحينئذ فلا يتخلّف المراد عن الإرادة. نهاية الدراية ١ : ٣٤٥.

۲۹۶۱