كانت المغايرة بينهما اعتبارا ، فتكون واجبة بعين وجوبه ، ومبعوثا إليها بنفس الأمر الباعث إليه ، فلا تكاد تكون واجبة بوجوب آخر ، لامتناع اجتماع المثلين (١) ، ولو

__________________

ـ ودفع اشكال اجتماع الوجوبين بأنّ كلّ واحد من الأجزاء مقدّمة ، والمركّب منها ذو المقدّمة ، والتغاير بين كلّ واحد من الأجزاء والمركّب تغاير حقيقيّ ، لا اعتباريّ ، حتى يلزم اجتماع الوجوبين. مناهج الوصول ١ : ٣٢٩ ـ ٣٢٥.

(١) قد ذكر في بيان امتناع اجتماع الوجوبين وجوه :

الأوّل : ما ذكره المصنّف في المقام من لزوم اجتماع حكمين متماثلين في شيء واحد. وبيان ذلك : أنّه لمّا كانت الأجزاء عين الكلّ في الوجود كان الوجوب النفسيّ المتعلّق بالكلّ متعلّقا بها حقيقة ، فلو تعلّق بها الوجوب الغيريّ يلزم اجتماع حكمين متماثلين في موضوع واحد ، وهو محال.

ولكن تفصّى المحقّق النائينيّ عن هذا المحذور بأنّه لا مانع من تعلّق الوجوب الغيريّ بالأجزاء مع تعلّق الوجوب النفسيّ بها ، لأنّهما يرجعان إلى تعلّق حكم واحد مؤكّد ، لا حكمين مستقلّين حتّى يلزم اجتماع المثلين.

وأورد عليه المحقّق العراقيّ بأنّ التأكّد إنّما يتصوّر في ما إذا لم يكن الوجوب الغيريّ معلولا للوجوب النفسيّ ، وإلّا فيمتنع فرض التأكّد. مقالات الاصول ١ : ٢٩٤.

ثمّ أجاب عنه المحقّق الخوئيّ بأنّ امتناع التأكّد إنّما يتمّ فيما إذا كان أحدهما سابقا على الآخر زمانا ، لا ما إذا كان أحدهما متقدّما على الآخر ، كما كان في المقام كذلك. المحاضرات ٢ : ٣٠٠.

الثاني : ما ذكره المصنّف تعليقا على المقام. وحاصله : عدم المقتضي لاتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيريّ. وذلك لأنّ ملاك الوجوب الغيريّ انّما هو فيما إذا كان وجود المقدّمة غير وجود ذيها في الخارج ليقع البحث عن ترشّح الوجوب الغيريّ من وجوب ذي المقدّمة على المقدّمة ، وأمّا إذا كان وجودها عين وجود ذيها في الخارج فلا ملاك لاتّصافها به.

وهذا ما استحسنه المحقّق النائينيّ والمحقّق الخوئيّ في خروج الأجزاء عن محلّ النزاع.

فراجع أجود التقريرات ١ : ٢١٦ ، والمحاضرات ٢ : ٢٩٩.

الثالث : أنّ وجه الاستحالة اجتماع الضدّين. وهذا ما نسبه المحقّق الاصفهانيّ إلى المشهور.

نهاية الدراية ١ : ٣٠٦.

الرابع : ما ذكره المحقّق الاصفهانيّ من أنّ الإرادة علّة للحركة نحو المراد ، فإن كان الغرض الداعي إلى الإرادة واحدا فانبعاث الإرادتين منه في قوّة صدور المعلولين عن علّة واحدة ، وهو محال. وإن كان الغرض متعدّدا لزم صدور الحركة عن علّتين مستقلّتين ، وهو أيضا محال. نهاية الدراية ١ : ٣٠٦.

۲۹۶۱