اختياريّ (١) ، فإنّ الفعل وإن كان بالإرادة اختياريّا إلّا أنّ إرادته ـ حيث لا تكون بإرادة اخرى وإلّا لتسلسلت ـ ليست باختياريّة ، كما لا يخفى ؛ إنّما يصحّ الإتيان بجزء الواجب بداعي وجوبه في ضمن إتيانه بهذا الداعي ، ولا يكاد يمكن الإتيان بالمركّب عن قصد الامتثال (٢) بداعي امتثال أمره (٣).

__________________

(١) وهو قصد القربة الّذي جزء آخر للمركّب الواجب ، فإنّ قصد الفعل تقرّبا هو إرادته كذلك ، والإرادة ليست بالاختيار ، وإلّا لزم التسلسل.

(٢) وهكذا في النسخ. والصحيح أن يقول «من قصد الامتثال».

(٣) توضيحه : أنّه لا يقدر المكلّف على الإتيان بالمأمور به ، فإنّ المركّب الارتباطيّ ـ كالصلاة ـ لا يمكن الإتيان بكلّ جزء منه على حدة ، بل انّما يصحّ الإتيان بكلّ جزء في ضمن الأجزاء الأخر ، فلا يمكن الإتيان بذات الفعل بداعي وجوب الكلّ ما لم ينضمّ إليه قصد الأمر ، وهو الجزء الآخر ، فيكون المأتي به هو الفعل بداعى الأمر المتعلّق بداعي الأمر ، وهو محال ، لأنّه يستلزم أن يكون الشيء علّة لنفسه. هذا ما أفاده المحقّق الاصفهانيّ توضيحا لكلام المصنّف.

ولكن أجاب عنه السيّدان العلمان ـ المحقّق الخوئيّ والإمام الخمينيّ ـ :

أمّا السيّد المحقّق الخوئيّ : فنسب المحذور إلى نفس المحقّق الاصفهانيّ ـ بعد حمل كلام المصنّف على معنى آخر ـ وأجاب عنه بما حاصله : أنّ الأمر بالمركّب من الفعل وقصد الامتثال ينحلّ إلى أمرين ضمنيّين : (أحدهما) يتعلّق بذات الصلاة ، و (الآخر) يتعلّق بقصد الامتثال ـ أي داعويّة هذا الأمر المتعلّق بذات الصلاة ـ. فيكون الأمر الضمنيّ المتعلّق بقصد الامتثال داعيا إلى الإتيان بالفعل بقصد أمره الضمنيّ المتعلّق بالفعل ، لا أنّه محرّك نحو محرّكيّة نفسه حتّى يلزم محذور علّيّة الشيء لعليّة نفسه. المحاضرات ٢ : ١٧٠ ـ ١٧١.

ولا يخفى عليك : أنّ المحقّق الاصفهانيّ لا يلتزم بداعويّة الأمر الضمنيّ وإن التزم بانحلال الأمر ؛ والمحقّق الخراسانيّ لم يلتزم بانحلاله أصلا. فما ذكره المحقّق الخوئيّ لا يرفع المحذور على مبناهما ، سواء نسب المحذور إلى المحقّق الخراسانيّ أو إلى المحقّق الاصفهانيّ.

وأمّا السيّد الإمام الخمينيّ : فأجاب عنه بقوله : «أنّ الأوامر الصادرة من الموالي ليس لها شأن إلّا إيقاع البعث وإنشاءه ، وليس معنى محرّكيّة الأمر وباعثيّته إلّا المحرّكيّة الإيقاعيّة والإنشائيّة ، من غير أن يكون له تأثير في بعث المكلّف تكوينا ، فما يكون محرّكا له هو إرادته الناشئة عن إدراك لزوم إطاعة المولى ، الناشئ من الخوف أو الطمع أو شكر نعمائه أو المعرفة بمقامه إلى غير ذلك ، فالأمر محقّق موضوع الطاعة لا أنّه المحرّك تكوينا.

فحينئذ نقول : إن اريد من كون الأمر محرّكا إلى محرّكيّة نفسه أنّ الإنشاء على هذا الأمر المقيّد موجب لذلك ، فهو ممنوع ؛ ضرورة جواز الإيقاع عليه كما اعترف به المستشكل. ـ

۲۹۶۱