ذاك الأمر مطلقا ـ شرطا أو شطرا ـ (١). فما لم تكن نفس الصّلاة متعلّقة للأمر لا يكاد يمكن إتيانها بقصد امتثال أمرها (٢).

وتوهّم إمكان تعلّق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر ، وإمكان الإتيان بها بهذا الداعي ـ ضرورة إمكان تصوّر الآمر لها (٣) مقيّدة (٤) ، والتمكّن من إتيانها كذلك بعد

__________________

(١) أوّل من قال باستحالة أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر هو الشيخ الأنصاريّ في مطارح الأنظار : ٦٠. وتبعه في ذلك أكثر من تأخّر عنه.

(٢) والحاصل : أنّ أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر مستلزم لمحذورين :

الأوّل : ما أشار إليه المصنّف بقوله : «لاستحالة أخذ ما ...». وحاصله : أنّ متعلّق الأمر سابق على نفس الأمر رتبة ، لأنّه معروض الأمر ، والمعروض مقدّم على عارضه رتبة. فالأمر متأخّر عن المتعلّق ، وقصد الأمر متأخّر عن نفس الأمر ـ ضرورة أنّه ما لم يتحقّق أمر لا يمكن قصد ذلك الأمر ـ ، فلا يمكن أن يكون قصد الأمر مأخوذا في المتعلّق الّذي هو متقدّم على الأمر ، والّا لزم الخلف أو الدور.

وببيان آخر : إنّ قصد الأمر متوقّف على الأمر قبله ، فلو كان الأمر متوقّفا على قصد الأمر ـ لكونه دخيلا في المتعلّق الّذي يتوقّف عليه الأمر ـ يلزم الدور ، وهو محال. فإذا قصد القربة محال في مقام التشريع.

الثاني : ما أشار اليه بقوله : «فما لم تكن نفس الصلاة ...». وحاصله : أنّ الأمر انّما يتعلّق بما كان مقدورا للمكلّف ، وليس المقدور له إلّا الإتيان بنفس متعلّق الأمر ـ أي الصلاة نفسها مثلا ـ. وأمّا الإتيان بمتعلّق الأمر بداعي أمره فلا يقدر عليه المكلّف إلّا إذا صدر أمرا آخر تعلّق بما تعلّق به الأمر الأوّل ، والمفروض فقدانه ، فالإتيان بمتعلّق الأمر بداعي أمره غير مقدور. فإذا أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر محال في مقام الامتثال ، كما كان محالا في مقام التشريع.

وممّا ذكرنا يظهر أنّه كان الأولى أن يقول : «ولأنّه ما لم تكن ...».

(٣) أي : للصلاة. وفي بعض النسخ : «تصوّر الأمر بها». وهذا أيضا صحيح.

(٤) أي : مقيّدة بداعي طبيعة الأمر.

وهذا دليل لقول المتوهّم : «إمكان تعلّق الأمر بفعل الصلاة بداعي الأمر» وجواب عن المحذور الأوّل. وحاصله : أنّ الأمر بالصلاة لا يتوقّف على وجود الصلاة في الخارج ، بل يكفي وجودها تصوّرا ، فيتعلّق الأمر بالصلاة المقيّدة بداعي طبيعة الأمر بعد تصوّرها. وأمّا داعي الأمر فهو متوقّف على الأمر بوجوده الخارجيّ ، لا التصوّري ، إذ يمكن تصوّر الداعي ولو لم يكن أمرا أصلا. فالموقوف عليه الأمر غير الموقوف على الأمر ، لأنّ الّذي يتوقّف عليه الأمر هو قصد الأمر بوجوده التصوّري والّذي يتوقّف على الأمر هو قصد الأمر بوجوده الخارجيّ ، فلا دور.

۲۹۶۱