في إنشاء الطلب (١) ، إلّا أنّ الداعي إلى ذلك (٢) كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعيّ يكون اخرى أحد هذه الامور ، كما لا يخفى.

قصارى ما يمكن أن يدّعى أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب (٣) فيما إذا كان بداعي البعث والتحريك ، لا بداع آخر منها (٤) ، فيكون إنشاء الطلب بها (٥) بعثا (٦) حقيقة ، وإنشاؤه بها تهديدا مجازا. وهذا غير كونها مستعملة في التهديد وغيره ، فلا تغفل(٧).

__________________

(١) والأولى أن يقول : «بل لم تستعمل إلّا في الطلب». والوجه في الأولويّة أنّ الظاهر من قوله : «إلّا في إنشاء الطلب» أنّ الصيغة تستعمل في إنشاء الطلب ، فالإنشائيّة داخلة في المستعمل فيه. وهذا ينافي ما ذكره في الأمر الثاني من الأمور المذكورة في المقدّمة من أنّ الإنشائيّة والإخباريّة من مقوّمات الاستعمال ، لا المستعمل فيه.

(٢) أي : إنشاء الطلب.

(٣) والأولى أن يقول : «أن تكون الصيغة موضوعة للطلب في مقام الإنشاء ...». وذلك لأنّه قد تقدّم منه أنّ الصيغ الإنشائيّة موجدة لمعانيها في نفس الأمر ، فالصيغة تتكفّل ايجاد المعنى بوجود انشائيّ. وعليه يصحّ أن يقال : «إنّ صيغة الأمر موضوعة للطلب في مقام الإنشاء ...» ، لأنّ الطلب قابل للإنشاء والإيجاد بالصيغة ، ولا يصحّ أن يقال : «إنّ صيغة الأمر موضوعة لإنشاء الطلب» ، لأنّ الصيغ الإنشائيّة موجدة لمعانيها ، فلا يكون معناها إلّا ما يقبل الوجود بها ، ولا شكّ أنّ انشاء الطلب غير قابل للإنشاء والإيجاد بالصيغة ، ضرورة أنّ الإنشاء لا يقبل الإنشاء والإيجاد مرّة اخرى ، فإذن لا يكون إنشاء الطلب معنى صيغة الأمر كي يصحّ أن يقال : «صيغة الأمر موضوعة لإنشاء الطلب».

اللهم إلّا أن يقال : إنّ اللام في قوله : «لإنشاء الطلب» ليست لام الإضافة ، بل هي لام الغاية. ومراده أنّ الصيغة موضوعة للطلب لأجل إنشائه بالصيغة. لكنّه خلاف ظاهر عبارته.

(٤) أي : من الدواعي.

(٥) أي : بالصيغة. ومرّ ما فيه.

(٦) أي : بداعي البعث.

(٧) والظاهر من المحقّق الاصفهانيّ أنّ الموضوع له صيغة الأمر هو النسبة الطلبيّة ، حيث قال : «مفاد الهيئة ـ كما هو ـ بمعنى البعث والطلب الملحوظ نسبة بين المادّة والمتكلّم والمخاطب». نهاية الدراية ١ : ٢١٤.

وذهب المحقّق النائينيّ إلى أنّ هيئة الأمر انّما تدلّ على النسبة الإيقاعيّة ، فالصيغة موضوعة لإيقاع النسبة بين المبدأ والفاعل ، من دون أن تكون مستعملة في الطلب أو في التهديد أو غيرهما. فوائد الاصول ١ : ١٢٩ ـ ١٣٠. ـ

۲۹۶۱