وقد أشرنا هنا وفي أوّل المسألة (١) إلى : عدم جواز الخوض لاستكشاف الأحكام الدينيّة ، في المطالب العقليّة ، والاستعانة بها في تحصيل مناط الحكم والانتقال منه إليه على طريق اللّم ؛ لأنّ انس الذهن بها يوجب عدم حصول الوثوق بما يصل إليه من الأحكام التوقيفيّة ، فقد يصير منشأ لطرح الأمارات النقليّة الظنّية ؛ لعدم حصول الظنّ له منها بالحكم.

ترك الخوض في المطالب العقليّة فيما يتعلّق باصول الدين

وأوجب من ذلك : ترك الخوض في المطالب العقليّة النظريّة لإدراك ما يتعلّق باصول الدين ؛ فإنّه تعريض للهلاك الدائم والعذاب الخالد ، وقد اشير إلى ذلك عند النهي عن الخوض في مسألة القضاء والقدر ، وعند نهي بعض أصحابهم صلوات الله عليهم عن المجادلة في المسائل الكلاميّة (٢).

لكنّ (٣) الظاهر من بعض تلك الأخبار : أنّ الوجه في النهي عن الأخير عدم الاطمئنان بمهارة الشخص المنهيّ في المجادلة ، فيصير مفحما عند المخالفين ، ويوجب ذلك وهن المطالب الحقّة في نظر أهل الخلاف (٤).

__________________

(١) انظر الصفحة ٥١.

(٢) انظر التوحيد ؛ للشيخ الصدوق : ٣٦٥ ، الباب ٦٠ (باب القضاء والقدر والفتنة) ، الحديث ٣ ، والصفحة : ٤٥٤ ، الباب ٦٧ (باب النهي عن الكلام والجدال والمراء في الله عزّ وجلّ) ، وانظر البحار ٥ : ١١٠ ، الحديث ٣٥ ، و ٣ : ٢٥٧ ، باب النهي عن التفكّر في ذات الله والخوض في مسائل التوحيد.

(٣) في (ت) و (ه) : «ولكنّ».

(٤) انظر البحار ٢ : ١٢٥ ، الحديث ٢.

۶۴۸۱