فأجاب : بأنّ على بطلان التقليد في الاصول أدلّة عقليّة وشرعيّة من كتاب وسنّة وغير ذلك ، وهذا كاف في النكير.

ثمّ قال :

على أنّ المقلّد للحقّ في اصول الديانات وإن كان مخطئا في تقليده غير مؤاخذ به وأنّه معفوّ عنه ؛ وإنّما قلنا ذلك لمثل هذه الطريقة التي قدّمناها ؛ لأنّي لم أجد أحدا من الطائفة ولا من الأئمة عليهم‌السلام قطع موالاة من يسمع قولهم واعتقد مثل اعتقادهم وإن لم يستند ذلك إلى حجّة من عقل أو شرع.

ثمّ اعترض على ذلك : بأنّ ذلك لا يجوز ؛ لأنّه يؤدّي إلى الإغراء بما لا يأمن أن يكون جهلا.

وأجاب : بمنع ذلك ؛ لأنّ هذا المقلّد لا يمكنه أن يعلم سقوط العقاب عنه فيستديم الاعتقاد ؛ لأنّه إنّما يمكنه معرفة ذلك إذا عرف الاصول ، وقد فرضنا أنّه مقلّد في ذلك كلّه ، فكيف يكون إسقاط العقاب مغريا؟ وإنّما يعلم ذلك غيره من العلماء الذين حصل لهم العلم بالاصول وسبروا أحوالهم ، وأنّ العلماء لم يقطعوا موالاتهم ولا أنكروا عليهم ، ولا يسوغ ذلك لهم إلاّ بعد العلم بسقوط العقاب عنهم ، وذلك يخرجه من باب الإغراء ، وهذا القدر كاف في هذا الباب إن شاء الله.

وأقوى ممّا ذكرنا : أنّه لا يجوز التقليد في الاصول إذا كان للمقلّد طريق إلى العلم به ، إمّا على جملة أو تفصيل ، ومن ليس له قدرة على ذلك أصلا فليس بمكلّف ، وهو بمنزلة البهائم التي ليست مكلّفة بحال (١) ، انتهى.

__________________

(١) العدّة ٢ : ٧٣١ ـ ٧٣٢.

۶۴۸۱