ـ مع قطع النظر عن حكم الشارع بالاستصحاب ـ متيقّنة في السابق مشكوكة في اللاحق ، وحكم الشارع بإبقاء كلّ متيقّن في السابق مشكوك في اللاحق متساويا بالنسبة إليهما ؛ إلاّ أنّه لمّا كان دخول يقين الطهارة في عموم الحكم بعدم النقض والحكم عليه بالبقاء يكون دليلا على زوال نجاسة الثوب المتيقّنة سابقا ، فيخرج عن المشكوك لاحقا ، بخلاف دخول يقين النجاسة والحكم عليها بالبقاء ؛ فإنّه لا يصلح للدلالة على طروّ النجاسة للماء المغسول به قبل الغسل وإن كان منافيا لبقائه على الطهارة.

المناقشة في هذا الاستدلال

وفيه : أوّلا : أنّه لا يتمّ فيما إذا كان الظنّ المانع والممنوع من جنس أمارة واحدة ، كأن يقوم الشهرة مثلا على عدم حجّيّة الشهرة ؛ فإنّ العمل ببعض أفراد الأمارة وهي الشهرة في المسألة الاصوليّة دون البعض الآخر وهي الشهرة في المسألة الفرعيّة ، كما ترى.

وثانيا : أنّ الظنّ المانع إنّما يكون ـ على فرض اعتباره ـ دليلا على عدم اعتبار الممنوع ؛ لأنّ الامتثال بالممنوع حينئذ مقطوع العدم ـ كما تقرّر في توضيح (١) الوجه الخامس من وجوه دفع إشكال خروج القياس (٢) ـ وهذا المعنى موجود في الظنّ الممنوع. مثلا : إذا فرض صيرورة الأولويّة مقطوعة الاعتبار بمقتضى دخولها تحت دليل الانسداد ، لم يعقل بقاء الشهرة المانعة عنها على إفادة الظنّ بالمنع.

ودعوى : أنّ بقاء الظنّ من الشهرة بعدم اعتبار الأولويّة دليل على عدم حصول القطع من دليل الانسداد بحجّيّة الأولويّة ؛ وإلاّ لارتفع الظنّ بعدم حجّيّتها ، فيكشف ذلك عن دخول الظنّ المانع تحت دليل الانسداد.

__________________

(١) في (ل) : «في ترجيح».

(٢) راجع الصفحة ٥٢٥.

۶۴۸۱