وأمّا المقدّمة الثانية

المقدّمة الثانية : عدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة والدليل عليه من وجوه :

وهي عدم جواز إهمال الوقائع المشتبهة على كثرتها ، وترك التعرّض لامتثالها بنحو من الأنحاء ، فيدلّ عليه وجوه :

١ ـ الإجماع القطعيّ

الأوّل : الإجماع القطعيّ على أنّ المرجع على تقدير انسداد باب العلم وعدم ثبوت الدليل على حجّيّة أخبار الآحاد بالخصوص ، ليس هي البراءة وإجراء أصالة العدم في كلّ حكم ، بل لا بدّ من التعرّض لامتثال الأحكام المجهولة بوجه ما ، وهذا الحكم وإن لم يصرّح به أحد من قدمائنا بل المتأخّرين في هذا المقام ، إلاّ أنّه معلوم للمتتبّع في طريقة الأصحاب بل علماء الإسلام طرّا ؛ فربّ مسألة غير معنونة يعلم اتّفاقهم فيها من ملاحظة كلماتهم في نظائرها.

أترى : أنّ علماءنا العاملين بالأخبار التي بأيدينا لو لم يقم عندهم دليل خاصّ على اعتبارها ، كانوا يطرحونها ويستريحون في مواردها إلى أصالة العدم؟! حاشا ثمّ حاشا.

مع أنّهم كثيرا ما يذكرون أنّ الظنّ يقوم مقام العلم في الشرعيّات عند تعذّر العلم ، وقد حكي عن السيّد في بعض كلماته : الاعتراف بالعمل بالظنّ عند تعذّر العلم (١) ، بل قد ادّعى في المختلف في باب قضاء الفوائت الإجماع على ذلك (٢).

٢ ـ لزوم المخالفة القطعيّة الكثيرة

الثاني : أنّ الرجوع في جميع تلك الوقائع إلى نفي الحكم مستلزم

__________________

(١) انظر رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣٩ ، وحكاه عنه في المعالم : ١٩٧.

(٢) المختلف ٣ : ٢٦.

۶۴۸۱